أعياد ممنوعة وهواتف مراقبة.. شهادات من قلب الأراضي الأوكرانية
طمس الهوية وترويع السكان.. الحياة تحت الحكم الروسي في أوكرانيا

في وقت تتكثف فيه الجهود الدولية لإحلال السلام في أوكرانيا، ترزح المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية تحت واقع من القمع الممنهج، يستهدف الهوية الأوكرانية ويقيد الحريات العامة، وفقًا لتقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "BBC".
يحاول الروس حظر كل ما هو أوكراني، من اللغة إلى التقاليد والأعياد الوطنية، حيث تُفرض سياسات صارمة تهدف إلى محو الهوية الأوكرانية، ويُعاقب من يرفض الانصياع بعقوبات قاسية.
في المناطق التي تسيطر عليها روسيا جزئياً مثل دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوروجيا، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014، يواجه السكان ضغوطاً متزايدة للحصول على جوازات سفر روسية، وهي شرط بات ضرورياً للحصول على الرعاية الصحية أو التنقل بحرية.
تفتش قوات الأمن الروسية المنازل وتصادر الهواتف، بحجة التعاون مع الجيش الأوكراني.
قمع بلا هوادة
وفي داخل تلك الأراضي، تنشر السلطات الروسية أنظمة مراقبة في الشوارع لكشف المعارضين، حيث يتم تركيب كاميرات في كل مكان لمراقبة أي نشاط مناهض.
وفقاً لمنظمة "زيمينا" الحقوقية، قُتل أو اختفى أكثر من 120 ناشطاً وصحفياً ومتطوعاً منذ بدء الغزو، خاصة خلال السنة الأولى، وتضيف التقارير أن روسيا أعدّت قوائم مسبقة بالأشخاص المستهدفين للاعتقال أو التصفية.
كما تُستخدم قوانين غامضة ومطاطة لمعاقبة أي تعبير عن المعارضة، مثل "نشر معلومات كاذبة" أو "تشويه سمعة الجيش الروسي" أو "دعم التطرف".

وفي القرم وحدها، تم تسجيل أكثر من 1.200 قضية، أدت إلى سجن العشرات، معظمهم من أقلية تتار القرم.
المقاومة مستمرة رغم المخاطر
بحسب وصف التقرير، تواصل مجموعات المقاومة نشاطها السلمي، رغم بطش الحكم الروسي.
ومن بين أبرز هذه الحركات، "زلا مافكا" وهي حركة نسائية توزع منشورات ومنادٍ بالهوية الأوكرانية، وتنشط حركة "الشريط الأصفر"، في تعليق رموز وطنية في الأماكن العامة، وتنفذ مجموعة تتار القرم "أتيش" عمليات استطلاع وتخريب ضد القوات الروسية.
ورغم صعوبة التأكد من حجم تأثير هذه التحركات، فإنها تعبّر عن رفض مستمر للحكم الروسي.
حرب على الذاكرة والتعليم
وتحرص السلطات الروسية على تغليف الفضاء العام بالبروباجندا الروسية، بدءاً من اللوحات الضخمة التي تحمل صور الرئيس فلاديمير بوتين، إلى الشعارات العسكرية المنتشرة في الميادين العامة.
كما حُظرت وسائل الإعلام المستقلة، وأُجبر الصحفيون المحليون على الفرار، في حين يُجنّد مراهقون لنشر الرواية الروسية الرسمية.
أما المدارس، فقد تحوّلت إلى أدوات تعبئة، تُدرّس فيها مناهج تبرر الغزو وتصور أوكرانيا كدولة خاضعة لسيطرة روسيا وتحركها قوى غربية معادية.