هل يجوز للأب التدخل في حياة ابنته المتزوجة؟.. علي جمعة يوضح

تعد المعاملة الحسنة بين الأفراد، خاصةً داخل الأسرة، من الأسس التي تحث عليها الشريعة الإسلامية، كما يعتبر بر الوالدين من أعظم الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله. ومن هذا المنطلق، جاءت فتوى الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتي الديار المصرية السابق، لتوضح حكم إساءة معاملة الأب لابنته المتزوجة، في خطوة تهدف إلى نشر الوعي حول ضرورة الحفاظ على العلاقات الأسرية وتجنب التصرفات التي تضر بالروابط العائلية.
المعاملة السيئة.. ظُلم ومصادمة للفطرة السليمة
سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية من شخص يعبر عن قلقه بشأن تصرفات الأب تجاه ابنته المتزوجة. حيث يعاملها معاملة سيئة جدًا، يرفض زيارتها ويقوم بالتضييق عليها كلما حاولت زيارة أسرتها. بل ويتدخل أيضًا في علاقات أفراد الأسرة الآخرين بها، حيث يعترض على زياراتهم ويمنعهم من زيارة ابنته. وكان السؤال: ما حكم هذه التصرفات والمعاملة في الدين؟
في إجابته، أوضح الدكتور علي جمعة أن المعاملة التي يمارسها الأب مع ابنته تعد نوعًا من الظلم الذي حرمه الله تعالى. وأضاف أن هذه التصرفات تُخالف الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها من حب الولد والشفقة عليه. وتابع فضيلته بأن الإسلام جاء ليحث على الإحسان إلى الأولاد، وفرض على الوالدين التزامًا شرعيًا في معاملة أبنائهم بالرفق واللطف.
وأشار إلى أن الشرع الشريف أمر الوالدين ببر أولادهما، وأن هذا البر له ثواب عظيم. وقد ذكر السلف أن "بر ولدك أجدر أن يبرك"، مؤكداً أن بر الأبناء يُنمي العلاقات الأسرية ويوطد أواصر الحب والتفاهم بينهم وبين والديهم.
حكم منع الأب للزيارة.. قطع للأرحام
وأضاف الدكتور علي جمعة أن الأب لا يجوز له شرعًا أن يمنع زوجته وأولاده من زيارة ابنته. بل يجب عليه أن يسمح لهم بذلك، حيث أن قطع الأرحام يعتبر من الكبائر التي تترتب عليها تبعات عظيمة في الدنيا والآخرة. واستشهد بالآية الكريمة من سورة محمد:
"فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" [محمد: 22-23].
هذه الآية تبيّن عواقب الإصرار على قطع الأرحام، مؤكدة أن ذلك يؤدي إلى اللعنة من الله تعالى والضلال الذي يصيب الإنسان في قلبه وبصره.
أهمية الإحسان في العلاقات الأسرية
وقال علي جمعة إن الإسلام يدعونا إلى معاملة الأبناء معاملة حسنة قائمة على الحب والرحمة، والابتعاد عن أي تصرفات تؤدي إلى قطع الأرحام أو نشر العداوات داخل الأسرة. كما أن المساواة في العطاء والمعاملة بين الأبناء ضرورية لتجنب إثارة الأحقاد والنزاعات، ويجب على الوالدين أن يتعاونا معًا في تربية الأبناء وتعليمهم قيم البر والإحسان.