المفتي يحسم الجدل..لا يجوز البيع الإلكتروني بعد أذان الجمعة إلا للضرورة

في فتوى حديثة عبر الموقع الرسمي لـ دار الإفتاء المصرية، أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، عن حكم البيع الإلكتروني بعد الأذان الثاني لصلاة الجمعة، وذلك ردًّا على سؤال شائع بين المسلمين في ظل انتشار التجارة الإلكترونية وتعدد وسائل البيع الحديثة.
هل يجوز الانشغال بالبيع الإلكتروني أثناء صلاة الجمعة؟
يعد وقت صلاة الجمعة من أقدس الأوقات في حياة المسلم، حيث يحثنا الإسلام على التركيز في العبادة والذكر والدعاء في هذا الوقت المبارك. وقد ورد في القرآن الكريم تحذير شديد من الانشغال عن هذا الوقت الثمين بأي أمر دنيوي، ومنها البيع والشراء، وذلك بقوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِصَلاةِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9].
وفي هذا السياق، حسم فضيلة المفتي مسألة البيع الإلكتروني في الوقت الذي يسبق صلاة الجمعة مباشرة، إذ أكد أنه لا يجوز للمسلم الذي يجب عليه حضور الصلاة أن ينشغل بالبيع الإلكتروني بعد الأذان الثاني، الذي يعقب الخطبة مباشرة. وفي هذه اللحظات، يُستحب للإنسان أن يتهيأ ويشغل نفسه بالذكر والتسبيح استعدادًا للصلاة.
هل البيع الإلكتروني في الطريق إلى المسجد جائز؟
أثار البعض تساؤلًا آخر: "هل يُسمح بالبيع الإلكتروني أثناء السعي إلى المسجد، خاصة إذا كانت المعاملات تتم عبر الهاتف المحمول أو الأجهزة الإلكترونية المحمولة؟"
أوضح مفتي الجمهورية أنه وفقًا لجمهور الفقهاء من المذاهب الحنفية والشافعية والحنابلة، البيع في الطريق إلى الصلاة لا يُحرَّم إذا لم يشغل الساعي عن الصلاة أو يؤخره عن الوصول في الوقت المحدد. فالمقصود بالنهي عن البيع في وقت الجمعة هو البيع الذي يُؤدي إلى ترك السعي إلى المسجد أو يؤخره، وليس البيع بحد ذاته.
لكن المفتي أكد أيضًا أن من الأفضل التوقف عن أي نشاط تجاري أثناء التوجه إلى الصلاة، سواء كان البيع عبر الإنترنت أو غيره، وذلك تقديرًا لحرمة هذا الوقت واستشعارًا للسكينة والوقار الذي يجب أن يتحلى به المسلم وهو في طريقه إلى الصلاة.
المالكية: النهي عن البيع في وقت الجمعة مطلقًا
وفيما يتعلق بمذهب المالكية، فقد بيّن مفتي الجمهورية أن هذا المذهب يرى حرمة البيع في وقت الجمعة، سواء كان المكلَّف ملزمًا بالصلاة أو لا. هذه الرؤية تأتي في إطار سد الذرائع، أي تجنب الانشغال بأمور الدنيا بما قد يؤدي إلى ترك أو التأخير عن الصلاة، وهي وجهة نظر قوية تؤكد احترام وتقديس هذا الوقت.
متى يُستثنى البيع الإلكتروني من التحريم؟
وفيما يخص الحالات الاستثنائية، أكد فضيلته أن البيع الإلكتروني قد يُسمح به في حال وجود ضرورة أو حاجة ملحة، مثل من يحتاج لإتمام صفقة تجارية مهمة جدًا في حال المرض أو الضرورة العاجلة. ورغم ذلك، شدد على أن الضرورة تُقدر بقدرها، ولا ينبغي التوسع في تفسيرها، بل يجب على المسلم أن يحترم قدسية الوقت ويجعل من صلاة الجمعة أولوية في هذا الوقت، الذي لا يتكرر إلا كل أسبوع.
وقت النهي عن البيع: من الأذان الثاني
أوضح مفتي الجمهورية أن النهي عن البيع يبدأ من الأذان الثاني لصلاة الجمعة، وهو الوقت الذي يُنادى فيه للمسلمين للاستعداد للجلوس في المسجد والتهيؤ لصلاة الجمعة. وحسب نصوص العلماء، يمتد هذا النهي حتى ينتهي وقت الصلاة وخطبتها.
الخلاصة: إكرام وقت الجمعة والالتزام بتوجيهات الشرع
أكد فضيلة مفتي الجمهورية على ضرورة إكرام وقت الجمعة، مشيرًا إلى أن الصلاة في هذا اليوم تتمتع بمكانة عظيمة، ويجب على المسلمين أن يحرصوا على الالتزام بتوجيهات الشريعة في ما يتعلق بالانشغال بالأمور الدنيوية في وقت الصلاة. وفي حالة وجود ضرورة أو حاجة قد تفرض البيع الإلكتروني، فإنه يجوز ولكن ضمن حدود هذه الحاجة ووفقًا لما يقتضيه الموقف.