وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى”.. وعدٌ إلهي بالنصر والخير في الآخرة

في إحدى آيات سورة الضحى، يُطَمْئِنُ الله تعالى نبيه محمد ﷺ بقولِه: “وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى” (الضحى: 4)، في رسالةٍ تحمل في طياتها تعبيرًا عميقًا عن أن الآخرة هي خير وأفضل مما يمكن أن يناله الإنسان في الدنيا. وقد جاءت هذه الآية لتكون مصدرًا من مصادر التثبيت والتعزية للنبي ﷺ بعد فترة من المحن والضغوط التي مر بها في بداية الدعوة.
معنى الآية وطمأنة للنبي ﷺ
تُعتبر هذه الآية جزءًا من سياق أكبر من آيات القرآن الكريم التي نزلت في فترة كانت مليئة بالضغوط النفسية على النبي ﷺ، حيث مرت عليه فترة من الوحشة بعد فترة من انقطاع الوحي، مما جعل قلبه يتألم ويتساءل عن مصير دعوته. جاء هذا الوعد الإلهي ليُطمئن النبي ﷺ ويُؤكد له أن كل ما مر به من مصاعب ومحن في حياته الدنيا سيكون له جزاء أعظم في الآخرة. أي أن الحياة الدنيا، بكل ما فيها من مغريات ونجاحات، لن تُقارَن بما ينتظره المؤمن في الجنة من نعيم دائم.
دروس مستفادة للمؤمنين
هذه الآية ليست مجرد تطييب للنبي ﷺ فقط، بل هي رسالة واضحة للمؤمنين جميعًا. تذكّرهم بأن الآخرة، بما تحمله من نعيمٍ دائم وخلودٍ في الجنة، هي خيرٌ من كل ما يمكن أن يحصلوا عليه في هذه الدنيا. فالآية تشجع المؤمنين على التركيز على الهدف الأسمى في الحياة، وهو مرضاة الله وتحقيق الإيمان الصحيح، بعيدًا عن التعلق بالمكاسب الدنيوية الزائلة.
تركيز على الثواب الأخروي
الآية تدعو المسلم إلى التفكر في الثواب الأخروي الذي لا يقاس بمقاييس الدنيا. حتى لو كانت الدنيا مليئة بالمتاع أو النجاح المؤقت، إلا أن الجزاء في الآخرة لا يُعد ولا يُحصى. هذه الآية تضع الدنيا في موضعها الصحيح؛ فهي مجرد دار اختبار، أما النعيم الأبدي في الجنة هو الهدف الأسمى.
وعد الله للمؤمنين
إن ما وعد به الله في الآخرة هو بلا شك أكبر من أي متاع دنيوي. فالله تعالى يوجه هذه الآية كدعوة للمؤمنين لتذكّر أن الحياة الحقيقية هي الحياة الآخرة، وأي معاناة أو مشقة في الدنيا مهما كانت، ستُجبر في الآخرة بثواب عظيم، كما أن صبر المؤمن في هذه الدنيا سيجد جزاءه الكريم في حياةٍ لا تنتهي.
هذه الآية تبعث في قلوب المسلمين الأمل والتفاؤل، مؤكدة لهم أن ما عند الله من جزاء في الآخرة خيرٌ وأبقى، وأن الصبر على الابتلاءات والمحن في هذه الحياة سيُكافأ في الجنة بمكافآت لا تُعد ولا تُحصى.