دار الإفتاء توضح كيفية تدريب اليتيم على إدارة ماله قبل البلوغ

فسًر الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية السابق، في فتوى علمية موثقة صادرة عن دار الإفتاء المصرية، معنى قوله تعالى:
﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ [النساء: 6]، وذلك ضمن جهود الإفتاء لبيان الأحكام المتعلقة بكفالة اليتيم، والتعامل مع أمواله وفقًا للشريعة الإسلامية.
تفسير الآية الكريمة
أوضح فضيلة المفتي، أن الآية الكريمة تُشير إلى ضرورة اختبار اليتيم وتدريبه قبل أن يُسلَّم إليه ماله. ويكون هذا التدريب في أمور الدين والدنيا، بحسب حال اليتيم، لضمان صلاحه وحُسن تصرفه، خاصة في ما يخص أمواله الخاصة.
اختبار اليتيم
بحسب الفتوى، فإن تدريب اليتيم يشمل:
- الجانب الديني: كتعويده على الصلاة، والصوم، والصدق، والأمانة، والعفة، وغيرها من مكارم الأخلاق.
- الجانب الدنيوي: إذا كان ذكرًا فيُدرَّب على البيع والشراء والتجارة، وإن كانت أنثى تُدرَّب على شؤون البيت والأسرة.
واستند فضيلة المفتي إلى قول الإمام الطبري: "واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم".
متى يُسلَّم لليتيم ماله؟
وأوضح الدكتور شوقي علام، أن الإسلام لم يكتفِ ببلوغ اليتيم سنّ النكاح، بل اشترط أيضًا ما يُعرف بـ"إيناس الرشد"، وهو ما يتحقق برؤية حسن تصرف اليتيم في ما اختُبر فيه مرّة بعد مرّة.
وقال مفتي الجمهورية السابق:"إيناسُ الرشد لا يتحقق إلا بملاحظة تعامل اليتيم وتدبيره على مدار عدة تجارب، وهو ما يُعد تدريبًا عمليًا على إدارة شؤون حياته".
الاختبار لا يتنافى مع حماية مال اليتيم
رغم أن الإسلام نهى عن الاقتراب من مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، إلا أن الشريعة أجازت استخدام جزء يسير منه في تدريب اليتيم وتأهيله، إن كان له مال. وإن لم يكن، جاز الإنفاق عليه من مال الزكاة؛ باعتبار ذلك من أوجه الإحسان في الكفالة.
مذاهب الفقهاء
واستعرض فضيلة المفتي أقوال عدد من كبار العلماء والمفسرين، منهم:
- الإمام الماتريدي، الذي قال: إن الاختبار يكون قبل البلوغ ليعتاد اليتيم على الحقوق والواجبات.
- الإمام الشافعي، الذي أشار إلى أن اختبار اليتيم يجب أن يختلف باختلاف حاله وظروفه.
- الإمام البغوي، الذي فصّل أن التدريب قد يكون بإدارة نفقات المنزل أو التصرف في أموال يسيرة.
خلاصة الفتوى
وأكّد الدكتور شوقي علام، أن هذه التوجيهات الربانية هدفها حماية أموال اليتامى وتأهيلهم لتحمُّل المسؤولية، وليس فقط إتمام سن البلوغ، وقال: "التدريب والتأهيل جزء لا يتجزأ من كفالة اليتيم، وهو مظهر من مظاهر العناية الربانية التي تُحيط باليتيم حتى يصبح قادرًا على إدارة حياته وماله".