وزير الخارجية يجدد احتفاظ مصر بحقها في حماية أمنها المائي وفق القانون الدولي
ترأس الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، اليوم السبت 20 ديسمبر 2025، الجلسة العامة للمؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية الأفريقية، وذلك بالاشتراك مع سيرجي لافروف، وزير خارجية روسيا الاتحادية، وتيتي أنطونيو، وزير خارجية جمهورية أنجولا والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
وألقى وزير الخارجية كلمة مصر خلال الاجتماع الوزاري، الذي انعقد للمرة الأولى على أرض القارة الأفريقية، مؤكدًا أن استضافة هذا الاجتماع تعكس عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين أفريقيا وروسيا الاتحادية، وما تحمله من آفاق واسعة للشراكة والتعاون والعمل المشترك.

وأوضح عبد العاطي أن الشراكة الأفريقية الروسية، منذ انطلاق أول قممها في مدينة سوتشي عام 2019 برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس فلاديمير بوتين، تعد نموذجًا ناجحًا لتعزيز التعاون الدولي بين أطراف تجمعها مصالح وقواسم مشتركة، خاصة في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها النظام الدولي وتراجع فاعلية آلياته التقليدية.
وأكد وزير الخارجية أن استقرار النظام الدولي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالالتزام بالقواعد المنظمة للعلاقات بين الدول، وفي مقدمتها احترام السيادة، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، ورفض فرض الوصاية أو الإملاءات، والاعتماد على الحلول السياسية لتسوية النزاعات، مشددًا على أن إصلاح النظام الدولي ليصبح أكثر قدرة على الاستجابة للتحديات الراهنة لم يعد خيارًا، بل بات ضرورة ملحة.

وأشار إلى أن أفريقيا، بما تمتلكه من إمكانات بشرية واقتصادية وسياسية، يجب أن تكون في صدارة الفاعلين في النظام الدولي، مؤكدًا التزام القارة بموقفها الموحد بشأن إصلاح مجلس الأمن الدولي، والدعوة إلى إصلاح هياكل التمويل الدولية بما يجعلها أكثر توافقًا مع احتياجات الدول الأفريقية، خاصة في مجالات نقل التكنولوجيا وتوفير التمويل الميسر.
كما أوضح عبد العاطي أن الشراكات الأفريقية الفاعلة تقوم على أسس التكافؤ والاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة، مع مراعاة الأولويات التنموية لأجندة أفريقيا 2063، بعيدًا عن صيغ التعاون المؤقتة أو المشروطة. وأكد أن البعد الاقتصادي والتنموي يمثل ركيزة أساسية في مسار التعاون الأفريقي الروسي، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه العديد من دول القارة في مجالات الأمن الغذائي والطاقة والبنية التحتية ونقل التكنولوجيا، وهو ما يستدعي تعزيز الاستثمارات المشتركة، ودعم مشروعات الإنتاج والتصنيع، وتبادل الخبرات، خاصة في المجالات الحديثة مثل الأمن السيبراني والتطبيقات التكنولوجية.

وشدد وزير الخارجية على أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب توافر بيئة آمنة ومستقرة، مؤكدًا إيمان مصر بأهمية مبدأ الملكية الوطنية وصون مؤسسات الدول، والالتزام بمبادئ الاتحاد الأفريقي المتعلقة بالحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضي دوله. ودعا إلى اعتماد مقاربة شاملة سياسية وتنموية واجتماعية وفكرية تعالج الأسباب الجذرية للنزاعات وتحديات الإرهاب، في إطار الترابط الوثيق بين السلم والأمن والتنمية.
وأشار في هذا الإطار إلى أهمية الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والصحة، وتمكين الشباب والمرأة، وتعزيز قدرات الدول في مجال مكافحة الإرهاب، وبناء مؤسسات قوية، وتوفير تمويل مستدام وقابل للتنبؤ لعمليات دعم السلام الأفريقية، إلى جانب تفعيل برامج إعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، لا سيما من خلال مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار الذي تستضيفه القاهرة.
وفيما يخص الأوضاع الإقليمية، تناول الوزير عبد العاطي التحديات السياسية والأمنية والإنسانية التي يشهدها محيط مصر الإقليمي، مستعرضًا الجهود المصرية المكثفة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بالتعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين، والعمل على إيجاد حل للأزمة في السودان، ودعم المسار السياسي الليبي الليبي بعيدًا عن التدخلات الخارجية، إلى جانب السعي لتوفير تمويل مستدام لبعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال، وصون أمن البحر الأحمر وضمان حرية الملاحة فيه، ودعم جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، والمساهمة في استعادة الاستقرار بشرق الكونغو.

وفي سياق متصل، جدد وزير الخارجية تأكيد رفض مصر لأي إجراءات أحادية في منطقة القرن الأفريقي أو البحر الأحمر من شأنها المساس بسيادة دول المنطقة أو تصعيد التوتر الإقليمي والدولي.
كما أشار إلى الجهود المصرية المتواصلة لتعزيز التعاون مع دول حوض النيل، مؤكدًا في الوقت نفسه احتفاظ مصر بحقها في اتخاذ ما يتيحه القانون الدولي من إجراءات لحماية أمنها المائي.
واختتم عبد العاطي كلمته بالتأكيد على استعداد مصر لتعزيز التعاون مع روسيا لتنفيذ مشروعات وبرامج تعاون ثلاثي في الدول الأفريقية، خاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة وبناء القدرات.



