رأس محلوق وجسد محترق وضمير غائب..
القصة الكاملة لإنقاذ «تقى».. 5 أشهر من الجحيم تنتهي بتدخل القومي للإعاقة
لم تعلم «تقى»، فتاة الشارع المعذَّبة، أن خروجها من بيتٍ فقد دفئه برحيل والديها سيكون بداية طريق مظلم لا نهاية له، وأن إعاقتها الذهنية البسيطة ستجعلها فريسة سهلة لذئابٍ بلا رحمة، ينهشون جسدها وكرامتها في صمت، بينما كانت تبحث فقط عن الأمان.
"من يحمي ذوي الإعاقة حين يسقطون في الشارع؟".. سؤال طرحته قصة "تقى" وأجاب عنه "مصيرها"، لتكون واحدة من أبشع القضايا الإنسانية التي تكشف هشاشة الحماية الاجتماعية.
يستعرض لكم "نيوز رووم" في التقرير التالي القصة الكاملة لفتاة الشارع المعذَّبة من فقدان الأمان إلى جحيم الاستغلال
اختفاء غامض وبداية المأساة
قبل نحو خمسة أشهر، خرجت «تقى. ش»، الفتاة البالغة من العمر 27 عامًا، من منزل أسرتها بعد وفاة والدها، رافضة الإقامة مع أشقائها، ولم تعد.
محاضر وبلاغات وبحث متواصل، بلا أي خيط يقود إلى مكانها، بينما كانت الصورة المتداولة لها تُظهر فتاة هادئة الملامح، لا توحي بأن أيامها المقبلة ستُكتب بالدم والألم.
الصدمة.. رأس محلوق وجسد مُعذَّب
مرت الشهور ثقيلة، حتى ظهرت صور جديدة نُسبت لفتاة تُدعى «تقى. ش». وهنا وقعت الصدمة:
رأس محلوق بطريقة مشوّهة، جروح وحروق تغطي الجسد، علامات اعتداء واضحة حول الرقبة، ووجه فقد ملامحه القديمة.
دوى في كل الأذهان سؤال واحد:«دي من ذوي الاحتياجات الخاصة.. مين عمل فيها كده؟ وليه؟».
شهادة مرعبة.. تعذيب وحرق وتغيير ملامح
بحسب ما كشفته التحقيقات الأولية، أكدت «تقى» أنها تعرضت لتعذيب ممنهج على يد شخص يُدعى «محمد صدام»، الذي كان يعتدي عليها بالحرق بناءً على أوامر امرأة تُدعى «أم سماح».
وأوضحت أن «منة»، حفيدة أم سماح، قامت بقص شعرها بالكامل لتغيير ملامحها ومنع التعرف عليها، بينما كان آخرون - بأسماء: شاورما، طارق، صابر، وأحمد تحفة - يصطحبونها إلى المقابر في وقائع ما زالت تفاصيلها قيد الفحص من الطب الشرعي.
وأشارت التحقيقات إلى أن ما تعرضت له «تقى» لا يتوقف عند الإيذاء البدني فقط وإنما هو قد يشمل الخطف والاتجار بالبشر وهتك العرض والاغتصاب، وهي جرائم خطيرة ينتظر أن يحسم التقرير الطبي الشرعي تفاصيلها بشكل رسمي.
إنقاذ من بين أنياب الجريمة
مع تداول صورها على مواقع التواصل، تحرك المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عاجل، بعد رصد تواجد الفتاة في الشارع دون مأوى. وبالتنسيق مع نيابة الظاهر، بدأ تدخل فوري لإنقاذها، ووضع سلامتها الجسدية والنفسية في مقدمة الأولويات.
تقييم نفسي يكشف الحقيقة
أكدت الدكتورة إيمان كريم، المشرف العام على المجلس، أن تقييم الحالة أوضح أن «تقى» تمتلك قدرات لغوية ووعيًا كافيًا مكّنها من سرد تفاصيل ما تعرضت له بدقة، باستخدام وسائل تواصل تراعي حالتها الذهنية.
وأقرت الفتاة بتعرضها لعنف شديد، وتعاطٍ قسري لمخدرات خطيرة مثل «الآيس» و«الكريستال»، إضافة إلى استغلال جنسي ممنهج مقابل المال.
القبض على الجناة ومواجهة النيابة
تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهمين، حيث تعرفت «تقى» عليهم، وجرى مواجهتهم أمام النيابة العامة، ليقروا بارتكابهم لتلك الجرائم.
بداية جديدة.. بعد الجحيم
وبدوره رفع المجلس للجهات المعنية بالأمر تقريرًا يوصي فيه بإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، والتي أكدت سلامة الفتاة من أية أمراض معدية وعدم وجود أعراض حمل، فضلًا عن توفير رعاية آمنة لها داخل دار رعاية مناسبة، وإخضاعها لبرنامج تأهيل نفسي ومهني يساعدها على استعادة ثقتها بنفسها وبالحياة، مع متابعة مستمرة من خبراء المجلس خلال الفترة المقبلة.
