أقدم مطعم في العالم.. فرن يشتعل حطبه منذ 300 عام

في قلب العاصمة الإسبانية مدريد، وبالتحديد في شارع "كوتشيليروس"، يقف مطعم "سوبرينو دي بوتين" شاهدًا على ثلاثة قرون من التاريخ، ليُعتبر أقدم مطعم في العالم وفقًا لموسوعة جينيس للأرقام القياسية. وتأسس هذا المطعم الأسطوري في عام 1725 وحافظ على تقاليد الطهي فيه دون انقطاع منذ ذلك الوقت. وللآن، مازال فرن المطعم يعمل بالحطب دون أن يتوقف عن الاشتعال، لا في خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936–1939)، ولا وقت جائحة كوفيد-19 التي أغلقت معظم المنشآت المماثلة في العالم.
تاريخ من التقاليد والصراعات العائلية
ويؤكد موقع timesnownews، أنه على الرغم من أن الواجهة الحجرية للمطعم تحمل تاريخ 1725، فإن بعض السجلات تقول إنه افتتح في عام 1865 تحت اسم "باستيليريا دي كانديدو ريميس"، بعد انفصال أحد أفراد العائلة عن المطعم الأصلي "باستيليريا دي بوتين" الذي يعود إلى أواخر القرن الثامن عشر. وفي ثلاثينيات القرن العشرين، استحوذت عائلة جونزاليس على المطعم، ومازالت تديره حتى اليوم، بعد أن أغلقت فرعه المنافس في ساحة "هيرادوريس" لإنهاء المنافسة.

فرن أسطوري وأطباق لا تُنسى
السر وراء نكهات "بوتين" الفريدة يكمن في فرنه التقليدي، الذي ظل مشتعلًا منذ قرون. هنا، يُنضج طبق اللحم المتبل بالبهارات والزبدة، في هذا الفرن التاريخي. ولا يفوت الزوار تجربة "سوب دي أجو"، وهو بيض مسلوق في مرق الدجاج مع نكهات الثوم والشيري، الذي يُقال إنه كان طبقًا مفضلًا للفنانين، والكتاب، بعد سهرات مدريد الليلية.

إرث ثقافي وفني
وكان هذا المطعم الأثري قد ارتبط بأسماء لامعة، منهم الأديب إرنست همنجواي الذي ذكر المطعم في روايته "الشمس تشرق أيضًا". ووصف المكان بأنه "من أفضل مطاعم العالم". كما يُعتقد الرسام الإسباني الشهير فرانشيسكو دي جويا عمل في مطبخ المطعم قبل أن يعرف بأعماله الخلابة.
اليوم، يستقبل المطعم زواره في مبناه التاريخي الذي يعود لعام 1590، ويتسعع لحوالي 200 شخص، ويوظف 70 عاملاً، يقدمون لزبائنهم لا وجبات فحسب، بل ما يشبه رحلة عبر الزمن. تتذوق فيه قضمة خبز بعبق التاريخ، وحيث تُخلد نكهات أطباقه قصصًا من الأصالة والتراث.