خبراء: عصابات الدارك ويب تهدد الأمن الاجتماعي وتفتح بابًا للجرائم المنظمة

خلال الآونة الأخيرة، بدأ الحديث عن عصابات «الدارك ويب» يثير قلقا متزايدًا في مصر، بعدما ارتبطت هذه الشبكات الإلكترونية المشبوهة بعدد من الجرائم البشعة التي تم توثيقها، أصبحت العوالم المظلمة للإنترنت، التي تضم مواقع غير مرئية على شبكة الإنترنت، مأوى للعديد من الأنشطة غير القانونية، من بينها تهريب المخدرات، بيع الأسلحة، الاتجار بالبشر، وكذلك تجارة الصور والفيديوهات الإباحية، وعمليات الابتزاز.

ما هو الدارك ويب؟

الـ "دارك ويب" هو جزء من الإنترنت لا يمكن الوصول إليه عبر محركات البحث العادية مثل جوجل أو ياهو، ويتطلب الوصول إليه استخدام برامج متخصصة مثل "تور"، والتي تخفي هوية المستخدم، قد يبدو الأمر غير ضار بالنسبة للبعض، لكنه أصبح ملاذًا لعصابات تهريب المخدرات والأسلحة، إضافة إلى شبكات تجارة البشر، والابتزاز، والدعارة الإلكترونية، وغيرها من الأنشطة غير القانونية.

هل الدارك ويب ظاهرة في مصر؟

بدأت الأجهزة الأمنية في رصد تزايد النشاطات غير القانونية المرتبطة به في السنوات الأخيرة، رغم أن العديد من الأشخاص في مصر قد لا يكونون على دراية بالـ "دارك ويب" أو تأثيراته المباشرة، وأيضا في الواقع، لا تقتصر الأنشطة الإجرامية في الدارك ويب على مجرد الجرائم الصغيرة، بل تشمل جرائم كبيرة تهدد أمن المجتمع، على سبيل المثال، قضية "طفل المنشار" في الإسماعيلية وقضية قتل شخص في شبرا الخيمة، وهي قضايا ارتبطت بتصوير فيديوهات فظيعة يتم تداولها عبر هذه الشبكات المظلمة.

القضايا الشهيرة المرتبطة بالدارك ويب في مصر

قضية "طفل المنشار" بالإسماعيلية

في حادثة هزت مصر، تم اكتشاف جريمة مروعة طفلًا يقتل ضحيته وهو صديقه باستخدام منشار كهربائي، وفي تطور لاحق، ذكر محامٍ أن المجرم قد قام ببيع صور الضحية عبر مواقع الدارك ويب لأشخاص في خارج مصر، أثارت هذه الجريمة غضبًا كبيرًا، وفتح الباب للحديث عن كيفية استخدام عصابات الدارك ويب لتوزيع وتداول مثل هذه الفيديوهات المروعة بين الأفراد الذين لديهم اهتمامات إجرامية.

قضية شبرا الخيمة

تعود تفاصيل الواقعة إلى تغيب طفل يدعى «أحمد محمد»، يبلغ من العمر 15 عامًا، عن منزله لمدة 4 أيام، قبل أن تعثر الأجهزة الأمنية عليه لفظا أنفاسه الأحيرة داخل شقة سكنية مستأجرة بدائرة قسم أول شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، وظهرت عليه آثار شق طولي من أسفل البطن حتى العنق، مع انتزاع بعض أحشائه ووضعها في كيس بجواره، في مشهد صادم هز.

وكشفت التحقيقات أن المتهمين استدرجا المجني عليه إلى شقة أحدهما بزعم تقديم هدية له، ثم قاما بتخديره بواسطة عقاقير طبية، وخنقه بحزام جلدي حتى فارق الحياة، قبل أن يشرعا في استخراج أعضائه الداخلية لبيعها عبر شبكة "الدارك ويب" مقابل مبالغ مالية ضخمة.

الابتزاز الإلكتروني

يستخدم المجرمون في الدارك ويب أساليب متنوعة لابتزاز ضحاياهم، من بينها نشر صور وفيديوهات خاصة بالضحايا أو التهديد بالكشف عن معلومات خاصة إذا لم يتم دفع فدية، يتم جمع المعلومات الشخصية عبر الإنترنت ثم بيعها أو استخدامها في عمليات الابتزاز.

الاتجار بالبشر

يعتبر الدارك ويب مكانًا رئيسيًا لبيع وشراء البشر، سواء من خلال العمل القسري أو استغلالهم في تجارة الجنس، هذا يشمل بيع الأطفال أو الأفراد الضعفاء لأغراض جنسية أو استغلالهم في أماكن العمل.

بيع المخدرات والأسلحة

تعتبر تجارة المخدرات عبر الدارك ويب من الأنشطة الأكثر رواجًا في هذه الشبكات، حيث يستطيع المجرمون شراء المخدرات أو الأسلحة بسهولة دون الكشف عن هويتهم، وقد تم ضبط العديد من العصابات في مصر متورطة في مثل هذه الأنشطة الإجرامية.

تجارة الفيديوهات الإباحية

تعد تجارة الفيديوهات الإباحية العنيفة، خاصة تلك التي تحتوي على مشاهد لاعتداءات أو حالات قتل، واحدة من أخطر الجرائم المنتشرة على الدارك ويب، تباع عصابات الدارك ويب مثل هذه الفيديوهات لمن يطلبها، ما يساهم في انتشار هذه الظاهرة.

خبراء جنائيون يتحدثون عن الظاهرة

في حديث مع بعض الخبراء الجنائيين، أوضحوا أن "الدارك ويب" يشكل تحديًا جديدًا للأجهزة الأمنية في مصر، فمن ناحية، يعتبر هذا الإنترنت المظلم مكانًا سريًا للغاية يصعب تتبعه، ومن ناحية أخرى، يفتح المجال لظهور عصابات منظمة تقوم بالاستفادة من انعدام الرقابة على هذه الشبكات.

ويؤكد الخبراء أن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب المزيد من التعاون الدولي، نظرًا لأن العديد من المجرمين يختبئون وراء هويات وهمية وأجهزة متطورة لا يمكن تتبعها بسهولة.

وأكد كريم سيد أحد المحامين المتخصصين في الجرائم الإلكترونية: "إن الدارك ويب في مصر ليس مجرد ظاهرة عرضية، على العكس، إنه شكل من أشكال الجريمة المنظمة التي تهدد الأمن الاجتماعي". 

وأضاف أن "الظاهرة بدأت في الانتشار مع تزايد انتشار التقنيات الحديثة، وكان من الصعب تتبع هذه الجرائم في البداية، لكن الأجهزة الأمنية بدأت في تطوير أساليب تتبع جديدة لملاحقة هذه العصابات".