عاجل

عضو «منصة الحوار»: استغلال الهويات الدينية سبب رئيسي في النزاعات الحديثة

 هاني ضوة، عضو اللجنة
هاني ضوة، عضو اللجنة التنفيذية لمنصة الحوار والتعاون

شارك هاني ضوة، عضو اللجنة التنفيذية لمنصة الحوار والتعاون بين القيادات الدينية في العالم العربي وعضو المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية، في الجلسة العلمية الأولى من المؤتمر الدولي للحوار الذي استضافته كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان مولاي سليمان بمدينة بني ملال بالمملكة المغربية، بتنظيم من مختبر الحوار والمقاصد للدراسات والأبحاث، وبالتعاون مع عدد من المؤسسات العلمية في المغرب وإسبانيا، وذلك تحت عنوان: "نحو أخوة إنسانية حلاً للمشكلات المعاصرة".

الحوار كاستراتيجية لحل النزاعات المعاصرة

وقد قدم «ضوة» خلال فعاليات المؤتمر الدولي ورقة بحثية موسعة بعنوان: "الحوار كاستراتيجية لحل النزاعات المعاصرة"، تناول فيها واقع النزاعات الحالية التي أصبحت أكثر تعقيدًا وتشابكًا بسبب تداخل السياسة والدين والعرق والعوامل الثقافية، الأمر الذي جعل الحلول القائمة على القوة أو الإجبار عاجزة عن إنهاء الصراعات أو منع تجددها. 

وأوضح أن الحوار اليوم لم يعد مجرد خطوة مكملة، بل تحول إلى "استراتيجية أساسية" يمكن من خلالها بناء الثقة بين الأطراف المتخاصمة وفهم أسباب الصراع الحقيقية، وصولًا إلى حلول تقوم على الاحترام المتبادل بدل الإقصاء، مشيرًا إلى أهمية ما يعرف بـ "الحوار الوسيط"، وأنه نوع من الحوار يساعد فيه طرف محايد الأطراف المتنازعة على التفاهم، من خلال الإصغاء الجيد وإعادة ترتيب الأفكار وتهدئة الأجواء، وليس من خلال فرض حلول عليهم.

وأضاف أن نجاح هذا النوع من الحوار يعتمد على أدوات بسيطة في ظاهرها لكنها بالغة التأثير، مثل حسن الاستماع، وتهدئة الغضب، وإيجاد مساحة آمنة يعبر فيها كل طرف عن وجهة نظره بلا خوف. وقد أثبتت هذه الأساليب فعاليتها في تجارب دولية كجنوب إفريقيا والبوسنة والعراق، حيث ساعدت في تخفيف التوتر وإعادة بناء العلاقات بين المكونات المختلفة.

استغلال الهويات الدينية أو العرقية 

وكشف أن الكثير من النزاعات الحديثة لا تنشأ فقط بسبب الخلافات السياسية، بل بسبب استغلال الهويات الدينية أو العرقية في الصراع، مما يجعل كل فئة تشعر بالخطر تجاه الأخرى. وهنا – كما يوضح د. ضوة – يصبح الحوار هو الوسيلة الأهم لاستعادة الثقة وتصحيح الصور المغلوطة التي يحملها كل طرف عن الآخر.

وأكد ضوة أن الحوار لا ينجح إلا إذا توفرت إرادة سياسية حقيقية للاستماع للآخرين، وإذا وجد وسيط يحظى بثقة الأطراف، إضافة إلى توفير مناخ يسمح للجميع بالتحدث بحرية. كما شددت على أن علاج الانقسامات المجتمعية يبدأ من بناء ثقافة حوارية راسخة داخل المجتمع، عبر التعليم والإعلام والمؤسسات المدنية.

وتوصل إلى نتائج بارزة، من أهمها أن الحوار المدعوم بأساليب مهنية قادر على خفض العنف وتقليل التوتر، بل ويمكنه تحويل النزاعات الطويلة إلى فرص إيجابية لإعادة بناء المجتمع. كما بينت أن المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني تمتلك تأثيرًا كبيرًا في دعم جهود المصالحة، نظرًا لما تتمتع به من قبول وثقة داخل المجتمعات.

وشدد على أن فشل الحوار في بعض البلدان لا يعود إلى ضعف الحوار ذاته، بل إلى غياب الرغبة السياسية الحقيقية، أو فقدان الثقة بين الأطراف.

وفي ختام مداخلته، دعا د. هاني ضوة إلى ضرورة الاستثمار في تدريب الأشخاص القادرين على إدارة النزاعات، وتعليمهم مهارات التهدئة وإعادة صياغة الخطاب والتواصل الفعال، بالإضافة إلى إنشاء شبكات إقليمية للحوار تساعد على التدخل المبكر عند ظهور بوادر الأزمات التي تنشأ لأسباب دينية أو عرقية أو إثنية. كما أكد ضرورة إدماج قيم التسامح والتعايش في المناهج الدراسية ووسائل الإعلام، حتى ينشأ جيل قادر على حل الخلافات بطريقة سلمية بعيدًا عن العنف والتعصب.

وقد لاقت المداخلة اهتمامًا كبيرًا من المشاركين في المؤتمر، لما قدمته من تحليل عميق بلغة قريبة من الواقع، ولما حملته من رؤية عملية تجمع بين المعرفة الأكاديمية والخبرة الميدانية، خاصة وأن الحوار لم يعد مجرد وسيلة لعلاج الخلافات، بل هو ضرورة لضمان استقرار المجتمعات في ظل عالم يموج بالصراعات والتحديات.

تم نسخ الرابط