خبير نفسي: تجاهل إشارات الأطفال يحول الضحية إلى مدان ويفاقم الصدمة |خاص
قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن حوادث التحرش بالأطفال التي ظهرت في أكثر من مدرسة خلال الفترة الأخيرة لا يمكن النظر إليها باعتبارها مجرد تصرفات فردية، بل تمثل مؤشرًا على خلل خطير قد يتجاوز حدود الاعتداء نفسه، وقد يشير في بعض الحالات إلى وجود ممارسات منظمة لأغراض قد تصل إلى الابتزاز أو التصوير غير المشروع.
وأوضح "فرويز"، في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم»، أنه من غير المنطقي، وفق خبرته المهنية، أن تقع عدة حوادث داخل المكان نفسه وفي توقيت متقارب من دون وجود شبهة تنظيم أو اتفاق، مشيرًا إلى أن خطورة الأمر قد تتجاوز التحرش ذاته إلى احتمالات أخرى يجب ألا تستبعدها جهات التحقيق.
ظاهرة التحرش بالأطفال
وأشار أستاذ الطب النفسي إلى أن ظاهرة التحرش بالأطفال ليست جديدة، فهي موجودة تاريخيًا في مختلف الحضارات والمجتمعات، ولا تقتصر على دولة بعينها، مستشهدًا بحوادث مشابهة في الولايات المتحدة وإنجلترا ومؤسسات دينية ورياضية واجتماعية حول العالم، ما يؤكد أن الظاهرة عالمية، لكنها تتفاقم عند غياب الرقابة والوعي.
وقال "فرويز" إن البداية الحقيقية للحماية هي الأسرة، فوفق الدراسات، نحو 80% من حالات التحرش بالأطفال تأتي من داخل الدائرة القريبة جدًا من الطفل: الأقارب، المعارف، الجيران، أو الأشخاص الذين منحهم الأهل ثقتهم بلا تمحيص، مثل بعض العمال أو المشرفين في المدارس والنوادي ودور العبادة.
وهنا – بحسب فرويز – تكمن الكارثة: الثقة المطلقة من دون متابعة، مشددًا على ضرورة أن ينتبه الأهل للعلامات السلوكية التي قد تظهر على الطفل، والتي غالبًا ما يتم تجاهلها أو إنكارها، ومنها:
بكاء الطفل عند الذهاب إلى مكان معين
رفضه المتكرر للحضور
تغيّرات في الشهية
القلق والخوف المفاجئ
الشحوب أو التعب
الشكوى من ألم في مناطق معينة
العزلة أو انخفاض التحصيل الدراسي
العقاب أو التشكيك
وأضاف "فرويز" أن بعض الأطفال عندما يخبرون أهلهم بما تعرضوا له، يفاجَأون بالعقاب أو التشكيك، وهو ما يضاعف الصدمة ويحول الضحية إلى مدان، وكأنه هو المخطئ وليس المعتدى عليه.
وأكد الدكتور جمال فرويز أن التعامل الصحيح مع الطفل يبدأ بالاحتواء والدعم، لا بالإنكار أو لوم الضحية، موضحًا أن الطفل يجب أن يشعر بالأمان وأن أسرته هي ملاذه وليس مصدرًا للخوف. كما دعا إلى تعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال وتثقيفهم بحقوقهم وحدود أجسادهم وكيفية التصرف عند التعرّض لأي محاولة اعتداء.
واختتم بأن مواجهة الظاهرة تحتاج إلى تضافر الأسرة والمدرسة ووزارة التربية والتعليم، من خلال برامج توعية حقيقية، وفحص دقيق لكل من يتعامل مع الأطفال، ورقابة صارمة على المؤسسات التعليمية، حتى لا تتحوّل المدارس – وهي المكان المفترض أن يكون الأكثر أمانًا – إلى مصدر تهديد نفسي وجسدي للأطفال.