عاجل

لماذا دفنت شجرة الدر في شارع الأشراف؟ تحليل تاريخي يوضح

مدفن شجرة الدر بشارع
مدفن شجرة الدر بشارع الأشراف بالقاهرة

قال الباحث الصوفي مصطفى زايد إن اختيار السلطانة شجرة الدر أن يشيد مدفنها في شارع الأشراف لم يكن قراراً عابرا، بل يحمل دلالات دينية وسياسية واجتماعية عميقة تُلخّص مسيرتها المضطربة وصعودها اللافت في تاريخ مصر الوسيط.

ملكة على عرش مصر

وأوضح زايد أن شجرة الدر، التي صعدت من كونها جارية إلى  ملكة على عرش مصر، لعبت دوراً محورياً في إدارة شؤون الدولة خلال الحملة الصليبية السابعة، مستشهدا بما أورده ابن تغري بردي والمقريزي عن نفوذها الواسع وثقة السلطان الصالح نجم الدين أيوب بها. ومع ذلك، انتهت حياتها نهاية مأساوية حين قُتلت داخل القلعة سنة 655هـ في خضم صراعٍ على السلطة، بحسب ما وثّقه ابن إياس.

مقصد للناس طلباً للبركة

ويشير مصطفى زايد إلى أن اختيارها لمنطقة تربة بني الحسين في شارع الأشراف يعكس رغبة واعية في الارتباط بأقدس بقاع القاهرة، إذ تضم المنطقة أضرحة منسوبة لآل البيت، وقد وصف المقريزي هذا الموضع بأنه مقصد للناس طلباً للبركة ومركزاً ذا رمزية دينية عالية. وهذا الارتباط  يضفي على المدفون فيه نوعاً من الشرعية الروحية التي تدوم حتى بعد الرحيل.

مكانة اجتماعية وسياسية

وأضاف" زايد" أن تربة بني الحسين لم تكن حكراً على آل البيت، بل تحولت إلى مقبرة نخبوية يتنافس الأمراء والعلماء وكبار رجال الدولة على الدفن فيها، لما تمنحه من مكانة اجتماعية وسياسية، وهو ما أكده ابن تغري بردي مراراً. ومن ثمّ، فإن رغبة شجرة الدر في أن تُخلّد ضمن هذه الطبقة تُجسّد وعيها العميق بمكانتها كسلطانة حكمت مصر في لحظة تاريخية فارقة.

 حضور دائم في الذاكرة الجمعية

وأوضح “ زايد” أن تقليد تشييد الأضرحة قرب المشاهد ذات الرمزية الدينية كان سمة بارزة في العصر المملوكي, وقد ذكر بيبرس الدوادار أن السلاطين كثيراً ما اختاروا مواقع مقابرهم ليظلوا على صلة بمواطن الزيارة والذكر,ولذلك فإن مشهد شجرة الدر يعد امتداداً طبيعياً لهذا التقليد، ويعكس في الوقت ذاته سعيها لضمان حضور دائم في الذاكرة الجمعية.

وقال الباحث الصوفي مصطفى زايد بالقول :إن شجرة الدر، التي صنعت مجداً سياسياً فريدا ثم واجهت نهاية مظلمة، اختارت موضع دفنها بدقة ليظل اسمها متردداً في واحد من أشرف مواضع القاهرة. فالقرار  لم يكن صدفة، بل نتاج اجتماع عوامل روحية واجتماعية وسياسية أرادت من خلالها السلطانة أن تكتب فصلها الأخير بقدر من الهيبة يليق بتاريخها.

تم نسخ الرابط