محامية أمريكية لـ نيوز رووم: العفو الرئاسي عن نتنياهو قائم لكنه محفوف بالمخاطر
قالت إيرينا تسوكرمان المحللة السياسية بالحزب الجمهوري، ومحامية الأمن القومي الأمريكي، وعضو مجلس إدارة مركز واشنطن الخارجي لحرب المعلومات، إن طلبات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكررة لتأجيل جلسات محاكمته تعكس استراتيجية متعددة الأبعاد تتجاوز الإطار القانوني البحت، وتهدف في جوهرها إلى إدارة توازن دقيق بين السياسة الداخلية والدبلوماسية الدولية.
وأضافت إيرينا تسوكرمان في تصريح خاص لموقع نيوز رووم أن ما يبدو في الظاهر مجرد مناورة إجرائية هو في الواقع ممارسة محسوبة بعناية في توقيت سياسي دقيق، مشيرة إلى أن نتنياهو يدرك منذ زمن طويل أن مصيره القانوني مرتبط ارتباطًا وثيقًا باستقرار حكومته وبالعلاقة الاستراتيجية مع واشنطن.
وأوضحت تسوكرمان أن التأجيلات لا تهدف فقط إلى تفادي المثول أمام المحكمة، بل إلى الحفاظ على بقائه السياسي حتى تصبح البيئة المحيطة أكثر ملاءمة، سواء عبر تحول سياسي داخلي أو تدخل دبلوماسي خارجي.
وأشارت إلى أن كل تأجيل يعزز صورة نتنياهو داخليًا كرجل دولة لا غنى عنه في ظل الأزمات الأمنية، سواء على جبهة الشمال مع حزب الله أو في قطاع غزة أو في مواجهة التهديدات الإيرانية، معتبرة أن مثوله أمام المحكمة في هذه الظروف سيحول الأنظار إلى حالة من الانقسام الداخلي داخل إسرائيل، بينما تمنحه التأجيلات فرصة لتصوير نفسه كقائد يحافظ على وحدة إسرائيل في لحظة حرجة.

وأكدت تسوكرمان أن هناك بعدًا مؤسسيًا لا يقل أهمية، حيث إن القضاء الإسرائيلي رغم استقلاله الشكلي يتأثر بالمناخ السياسي العام، مشيرة إلى أن كل تأجيل يضعف زخم الادعاء العام ويقلل من اهتمام الرأي العام، مما يحول القضية تدريجيًا إلى إجراء روتيني فاقد للرمزية.
وأضافت المحللة الأمريكية أن طول أمد المحاكمة يزيد من احتمالية تداخلها مع تطورات سياسية أو دبلوماسية كبرى تشمل الولايات المتحدة وقضايا الأمن الإقليمي، ما يدفع المؤسسات الإسرائيلية إلى التعامل بحذر مع الضغط على رئيس وزراء يتم النظر إليه كركيزة أساسية في المشهد الجيوسياسي.
إيرينا تسوكرمان: إدارة ترامب تنظر إلى نتنياهو كحليف استراتيجي لا يمكن إضعافه
وأوضحت تسوكرمان أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم عززت من رهانات نتنياهو على التحالف الأمريكي الإسرائيلي، مشيرة إلى أن إدارة ترامب تنظر إلى نتنياهو كحليف استراتيجي لا يمكن إضعافه دون أن تتأثر جهود التطبيع الإقليمي واحتواء إيران، مضيفة أن نتنياهو يستخدم هذا التصور لتقوية حجته بأن مشكلاته القانونية ثانوية أمام استمرارية الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية المشتركة.
وأضافت أن احتمال صدور عفو رئاسي عن نتنياهو في إسرائيل بما يتماشى مع تفضيلات ترامب يظل قائمًا، رغم حرص الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج على إظهار الحياد.
وتابعت أن كل تأجيل يزيد من الضغوط غير المباشرة على الرئيس، حيث يربط الجمهور بين استمرار نتنياهو في قيادة الحكومة ووضعه القانوني المعلق، مما قد يخلق مبررًا سياسيًا محتملًا للعفو في مرحلة لاحقة.
لكنها حذرت من أن هذا السيناريو محفوف بالمخاطر، حيث يمكن أن يؤدي أي عفو سياسي واضح إلى رد فعل شعبي إسرائيلي غاضب ويقوض شرعية المؤسسات الإسرائيلية، خاصة في ظل انقسام المجتمع الإسرائيلي حول قضايا الفساد.
وأردفت تسوكرمان أن استمرار نتنياهو في الحكم يمثل عنصر استقرار أساسي في تنسيق إسرائيل مع السعودية ودول الخليج، موضحة أن علاقاته الوثيقة بترامب تمنحه مكانة تفاوضية مهمة في مسار التطبيع الإقليمي، وأن كل تأجيل لمحاكمته يعزز هذه المكانة باعتباره ضمانة لاستمرارية القيادة السياسية في القدس.
وأكملت تصريحاتها بالقول إن نتنياهو يدير التأجيلات ليس فقط لكسب الوقت قانونيًا، بل للتحكم في إيقاع السياسة الإسرائيلية وتوجيه اهتمام المجتمع الدولي.
واختتمت إيرينا تسوكرمان أن استراتيجية نتنياهو تعكس فهمًا عميقًا لثقافة السياسة الإسرائيلية ولتأثير التحالفات الخارجية في رسم ملامح الواقع الداخلي، مشيرة إلى أن هدفه النهائي هو أن تصل لحظة الحسم بعد أن تكون المحاكمة قد فقدت أهميتها السياسية أو بعد أن يتقرر أن بقاءه في السلطة ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها.



