هل يواجه ممداني خطر العزل باستخدام بند نادر في الدستور الأمريكي؟
تلوح في الأفق مواجهة سياسية محتملة بين عمدة مدينة نيويورك المنتخب زهران ممداني، وخصمته الجمهورية إيليز ستيفانيك، التي أعلنت دخولها سباق انتخابات حاكم ولاية نيويورك، وسط حديث متزايد عن إمكانية لجوئها إلى سلطة دستورية نادرة تتيح عزل العمدة من منصبه في حال فوزها.
وذكرت مجلة نيوزويك، ستيفانيك أعلنت رسميًا ترشحها لمنصب حاكم الولاية في مواجهة الحاكمة الديمقراطية الحالية كاثي هوشول، لكن الإعلان لم يثر الجدل حول المنافسة الانتخابية بقدر ما فجر تكهنات قانونية وسياسية بشأن استخدام صلاحية غير مفعلة منذ تسعين عامًا، يمكن أن تتحول إلى سلاح لعزل ممداني.

صدام مبكر بين العمدة الجديد والجمهوريين
فاز زهران ممداني، السياسي الديمقراطي التقدمي، بمنصب عمدة نيويورك بنسبة 50.4% من الأصوات، بعد حملة انتخابية صاخبة دعمتها الحاكمة هوشول، غير أن هذا الفوز كان كافيًا لإشعال صدام مبكر مع ستيفانيك، التي هاجمت الحاكمة بوصفها أسوأ من قادت ولاية نيويورك، ووصفت ممداني بأنه “شيوعي جهادي معاد للسامية”.
وفي أعقاب هذه التصريحات، أعلنت ستيفانيك رسميًا ترشحها للحكم، مؤكدة أن ولايتها ستعمل على إعادة الأمان والقدرة على المعيشة في نيويورك، التي وصفتها بأنها أصبحت الأغلى والأكثر فشلًا في البلاد تحت قيادة الديمقراطيين.
صلاحيات نادرة في دستور الولاية
أعاد إعلان ستيفانيك ترشحها إلى الواجهة نقاشًا قانونيًا حساسًا حول صلاحيات الحاكم في عزل المسؤولين المحليين، وهي سلطة يقرها دستور ولاية نيويورك وميثاق مدينة نيويورك، لكنها لم يتم استخدامها فعليًا منذ أكثر من تسعين عامًا.
وينص ميثاق المدينة على أنه يجوز للحاكم عزل العمدة من منصبه بعد توجيه تهم رسمية إليه ومنحه فرصة للدفاع عن نفسه، وله أن يعلق عمله لمدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا ريثما تنظر التهم.
وتمنح هذه الصيغة الحاكم سلطة تقديرية واسعة، لكنها تشترط إجراءات قانونية صارمة تشمل توجيه التهم، وتمكين العمدة من الدفاع عن نفسه واستجواب الشهود تحت القسم.
وتاريخيًا، تم استخدام هذه الصلاحية مرة واحدة فقط عام 1932، عندما أقال الحاكم فرانكلين روزفلت قائد شرطة مانهاتن توماس فارلي بسبب اتهامات تتعلق بسوء السلوك، لتظل بعدها أداة ردع سياسية أكثر من كونها وسيلة تنفيذية حقيقية.
كما ذكرت صحيفة بوليتيكو في تقرير صدر فبراير الماضي أن قرارات الحاكم في مثل هذه القضايا لا يمكن للمحاكم نقضها، وهو ما يجعلها أداة خطيرة في يد السلطة التنفيذية بالولاية.

معركة مبكرة على مستقبل نيويورك
وفي حين تقدم ستيفانيك نفسها كبديل قوي قادر على إنهاء هيمنة الديمقراطيين على نيويورك، تشير استطلاعات الرأي إلى انقسام واضح حول فرصها، فقد أظهر استطلاع لمؤسسة “مانهاتن” المحافظة في أكتوبر الماضي تفوقًا طفيفًا لستيفانيك بنسبة 43% مقابل 42% للحاكمة هوشول.
وفي إعلان ترشحها عبر منصة "إكس"، شنت ستيفانيك هجومًا عنيفًا قائلة:"كاثي هوشول هي أسوأ حاكمة في أمريكا، وتحت قيادتها أصبحت نيويورك أغلى ولاية من حيث الضرائب والطاقة والإيجارات، حان وقت إنقاذ الولاية."
من جانبه، ألقى زهران ممداني خطاب فوزه بلغة تحدي واضحة، قائلاً:"إذا كانت هناك مدينة تستطيع أن تظهر لأمة خذلها دونالد ترامب كيف تهزمه، فهي المدينة التي أنجبته، ولهذا أقول لترامب: ثلاث كلمات فقط ارفع الصوت أكثر".
هل يتم عزل ممداني؟
في حال فوز ستيفانيك بمنصب الحاكم، فإنها ستمتلك فعليًا السلطة الدستورية لبدء إجراءات عزل ممداني، لكن هذا السيناريو سيواجه عقبات قانونية وسياسية كبيرة، نظرًا لصرامة الإجراءات وتعقيد المسار القضائي، فضلًا عن حساسية التوازن بين حكومة الولاية وإدارة المدينة.
ويرى مراقبون أن مجرد طرح هذا الاحتمال يكشف عن مستوى غير مسبوق من الاستقطاب السياسي في نيويورك، بين الجناح التقدمي بقيادة ممداني والمحافظين بقيادة ستيفانيك، في وقت يُتوقع أن تتحول فيه الولاية إلى ساحة صراع رمزية بين رؤيتين متناقضتين لأمريكا المعاصرة.
ورغم أن الحديث عن العزل ما زال افتراضيًا بالكامل، حيث لم تفز ستيفانيك بعد ولم توجه أي تهم رسمية للعمدة، إلا أن فكرة تفعيل السلطة الدستورية المنسية تضع السياسة الأمريكية أمام اختبار جديد بين الطموح الديمقراطي وحدود السلطة القانونية.



