ترامب والاتفاق الإبراهيمي .. هل يتحقق السلام بعد وقف الحرب بغزة ؟

ذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن الاتفاقات الإبراهيمية والتي أبرمتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى مع الإمارات والبحرين والمغرب، لم تحقق السلام والاستقرار الموعودين في الشرق الأوسط، بل أدت إلى ترسيخ الهيمنة الإسرائيلية وتعزيز الانقسامات، مشيرةً إلى أن أي اتفاقات مستقبلية للسلام لا يجب أن تهمش حقوق الشعب الفلسطيني.
اتفاقيات السلام مع ترامب وإسرائيل
وقالت المجلة في تقرير لها، اليوم الأربعاء، إن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، تبنى تلك الاتفاقيات بقوة وسعى إلى البناء عليها من خلال تأمين صفقة تاريخية مع السعودية، الدولة العربية الأكثر نفوذاً. تضمنت الصفقة المرتقبة تطبيعاً سعودياً إسرائيلياً مقابل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة لتصل إلى مستوى دولة حليفة في الناتو. لو تم تنفيذ هذا الاتفاق، لكان أكبر اختراق في الدبلوماسية العربية الإسرائيلية منذ توقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، مما يمهد الطريق أمام دول عربية وإسلامية أخرى للحاق بالركب.
وأشارت إلى أن نهج السلام العربي الإسرائيلي لطالما اعتمد على تجاوز القضية الفلسطينية، حيث كان الإجماع بين الدول العربية حتى 2020 هو أن التطبيع مع إسرائيل لن يتم إلا بعد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة. إلا أن قرار البحرين، المغرب، والإمارات بالتطبيع مع إسرائيل حرم الفلسطينيين من أحد أهم أوراق الضغط ضد إسرائيل.
وذكر التقرير أن عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 والعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، أسفرا عن تعطيل مسار عملية السلام، مشيرًا إلى أن تجاهل القضية الفلسطينية غير ممكن.
ومع ذلك، لا يزال ترامب عازمًا على إتمام صفقة ثلاثية تجمع الولايات المتحدة، إسرائيل، والسعودية، متجاهلاً حقوق الفلسطينيين.
وبحسب التقرير، يرى المنتقدون أن السلام الإقليمي لا يمكن تحقيقه دون حل القضية الفلسطينية، فقد أثبتت أحداث غزة الأخيرة أن تجاهل الفلسطينيين يزعزع الاستقرار الإقليمي. وعلى الرغم من أن وقف إطلاق النار الأخير قد يفتح المجال لتجديد المحادثات الإسرائيلية-السعودية، إلا أن الواقع يظهر أن السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي لا يمكن أن يتعايش مع الفوضى في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
السلام على الورق
رغم الاحتفاء باتفاقيات أبراهام كإنجاز دبلوماسي، إلا أنها بُنيت على افتراضات خاطئة. تمحور الاتفاق حول تجاوز القضية الفلسطينية، على أمل أن يقبل الفلسطينيون بالترتيبات المفروضة عليهم. لكن هذه الاتفاقيات ساهمت في تكريس الاحتلال الإسرائيلي واستمرار سياسات التوسع الاستيطاني والعنف ضد الفلسطينيين، وفقًا لـ"فورين أفيرز".

وحتى مع بوادر وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تبقى فرص إدخال السعودية ضمن الاتفاقيات تحديًا كبيرًا، فقد تطلبت الرياض خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية، بعد أن زادت تكاليف التطبيع مع إسرائيل في ظل الجرائم الإسرائيلية المستمرة. ومع تصاعد الغضب العربي والإسلامي تجاه ممارسات إسرائيل، أصبح الطريق نحو التطبيع أكثر تعقيدًا.
وخلص تقرير المجلة بالقول إن "اتفاقيات أبراهام لم تحقق السلام والاستقرار الموعودين في الشرق الأوسط، بل أدت إلى ترسيخ الهيمنة الإسرائيلية وتعزيز الانقسامات. ما لم يتم التعامل مع القضية الفلسطينية بجدية، فإن أي جهود تطبيع ستبقى عالقة في دوامة من العنف وعدم الاستقرار، وهو درس يجب على إدارة ترامب إدراكه في سعيها لإتمام هذه الصفقة التاريخية".