عاجل

في ظل تحديات اقتصادية وسياسية في مواجة خطوات التطوير

خفايا مستقبل قرار بيع "محطات كهرباء سيمنس" في مصر"

رئيس الوزراء يجتمع
رئيس الوزراء يجتمع بوزير الكهرباء

أثار مستقبل ملكية محطات كهرباء "سيمنس" في عالم الاقتصاد المصري حالة جدلية، عطفًا على تصريحات وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، في 21 مارس 2025، حول محطات الكهرباء التي نفذتها شركة سيمنس الألمانية، جدلاً واسعًا حول مصير هذه المحطات التي تعد من الركائز الأساسية لشبكة الكهرباء المصرية. 

إذ أن ما قاله الوزير جاء ردًا على موجة من التكهنات بشأن احتمالية بيع هذه المحطات التي تمثل جزءًا من مشروع طاقة ضخم بدأ في 2015، فبينما يراها البعض استثمارًا استراتيجيًا حيويًا، يعتقد آخرون أن بيعها قد يكون خطوة ضرورية لتحسين كفاءة القطاع.

وفي هذا التحقيق تستعرض "نيوز رووم" موقف مستقبل محطات سيمنس في مصر، ونكشف بالتحليل المعمق خفايا قرار البيع، والتحديات الاقتصادية والسياسية المرتبطة به.

 

فلاش باك إلى 2015: مشروع سيمنس الضخم

في عام 2015، أعلنت الحكومة المصرية توقيع عقد مع شركة سيمنس الألمانية لإنشاء ثلاث محطات كهرباء عملاقة في كل من بني سويف، البرلس، والعاصمة الإدارية الجديدة، وكان الهدف إضافة 14.4 جيجاوات إلى الشبكة الوطنية، وهو ما يعادل 40% من الطاقة المتاحة وقتها، إذ تُعد هذه المحطات من أكبر المحطات الغازية في العالم من حيث القدرة الإنتاجية، وكانت تأمل الحكومة أن تسهم هذه المحطات في تقليل انقطاع الكهرباء وتحقيق استقرار كبير في الشبكة- وفقًا لبيان وزارة الكهرباء الصادر في 2015-.

رئيس الوزراء  يجتمع بوزير الكهرباء
رئيس الوزراء  يجتمع بوزير الكهرباء

 ومع مرور السنوات، ظهرت تساؤلات عديدة حول مصير هذه المحطات؟، وخصوصًا بعد الحديث عن إمكانية بيعها في وقت لاحق.

 

إعلان الوزير: محطات سيمنس ليست للبيع

في 21 مارس 2025، جاء التصريح الحاسم من الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، ليضع حدًا للتكهنات، قال الوزير:" أن محطات سيمنس الثلاث، التي تعتبر "ركيزة الشبكة القومية"، ليست معروضة للبيع"، وأضاف:" أن هذه المحطات تتميز بكفاءة عالية في استهلاك الوقود، وهي من الأقل استهلاكًا مقارنة بباقي محطات التوليد"- كما ورد في تصريح الوزير لأحدي الصحف المصرية-.

وزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت
وزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت

وأكد الوزير أن المحطات تعمل بكفاءة غير مسبوقة، وأن هناك إجراءات تم اتخاذها لتغيير أنماط التشغيل مما أدى إلى تقليص استهلاك الوقود بنسبة 5-6% مقارنة بالمعدلات السابقة، وأن هذا التحسين-حسب تصريحاته- وفّر للدولة أكثر من 16 مليار جنيه خلال 6 أشهر بفضل استقرار إمدادات الغاز وتشغيل المحطات دون توقف.

 

إجراءات جديدة لتحقيق الوفورات

تحقيق الوفورات لم يتوقف عند استهلاك الوقود فقط، بل امتد إلى مواجهة سرقات التيار الكهربائي، إذ نجحت وزارة الكهرباء في تحصيل نحو 4 مليارات جنيه من إجمالي 7 مليارات جنيه تم توفيرها من خلال تشديد الرقابة على السرقات، وتوفير طرق مشروعة لتركيب العدادات للمواطنين- وفقًا لتقرير وزارة الكهرباء في مارس 2025-.

 

الآثار الاقتصادية للقرار

على الرغم من تأكيد الوزير على عدم بيع المحطات، تبقى النقاشات حول أثر هذا القرار على الاقتصاد المصري مستمرة، إذ كانت الحكومة قد أطلقت في وقت سابق خطة خصخصة الأصول الحكومية كجزء من تحسين بيئة الأعمال، الأمر الذي أدى إلى تساؤلات حول ما إذا كانت هذه المحطات ستصبح جزءًا من خطة الخصخصة في المستقبل القريب.

محطة كهرباء سيمنس
محطة كهرباء سيمنس

وكان البيع يُنظر إليه من قبل البعض كفرصة لتحسين كفاءة المحطات وزيادة العوائد المالية، حيث يعتقد البعض أن القطاع الخاص سيكون قادرًا على إدارة هذه المحطات بشكل أفضل،  ولكن، التصريحات الأخيرة أغلقت هذا الباب مؤقتًا، وأكدت الحكومة أن المحطات ستظل تحت إدارة القطاع العام- وفقًا لتحليل نشر أحدي مراكز الدراسات المصرية في مارس 2025-.

 

التحديات القادمة

ورغم تأكيد الوزير على عدم بيع المحطات، فإن التحديات لا تزال قائمة، فمع النمو السكاني المستمر وزيادة الطلب على الطاقة، ستظل محطات التوليد بحاجة إلى تطوير مستمر، إذ تواجه الحكومة المصرية مهمة صعبة في الحفاظ على استقرار الشبكة الوطنية للكهرباء وتلبية الاحتياجات المتزايدة من الطاقة- حسب دراسة مركز الأهرام للدراسات السياسية في أبريل 2025-.

رئيس الوزراء يجتمع بوزير الكهرباء
رئيس الوزراء يجتمع بوزير الكهرباء

وفي السياق ذاته، يستمر قطاع الكهرباء في سعيه لتحسين الكفاءة التشغيلية وتقليل الفاقد في الطاقة، وهو ما يتطلب استثمارات مستمرة في البنية التحتية، ومع تزايد الشكاوى حول ضعف الكفاءة في بعض المحطات القديمة، تبقى محطات سيمنس هي العنصر الأكثر فعالية في هذه المعادلة.

هل ستظل محطات سيمنس جزءًا من الاستراتيجية الوطنية للطاقة؟

بينما تواصل الحكومة المصرية تطوير قطاع الطاقة، تظل محطات سيمنس في قلب الاستراتيجية الوطنية للكهرباء، وبينما أكد الوزير محمود عصمت في مارس 2025 أن هذه المحطات لن تكون معروضة للبيع، فإن هذا القرار لن يمنع الجدل حول أفضل الطرق لتطوير قطاع الطاقة في مصر. 

محطة كهرباء سيمنس
محطة كهرباء سيمنس

ومع استمرار تحسين الكفاءة التشغيلية وتوفير الوقود، يبدو أن مصر على الطريق الصحيح لتحقيق استدامة في قطاع الطاقة، لكن ماذا عن المستقبل؟ وهل ستظل الحكومة قادرة على المحافظة على توازن بين القطاع العام والخاص في هذا المجال الحيوي؟.

تم نسخ الرابط