وصية رسول الله| ما فضل المداومة على صلاة الضحى؟.. الإفتاء توضح
أكدت دار الإفتاء أن المداومة على صلاة الضحى مستحبةٌ شرعًا، على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وذلك لعموم الأدلة الواردة في فضلها، وحثِّ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم على المحافظة عليها.
وقت صلاة الضحى
صلاة الضُّحى سُمِّيت بذلك نسبةً لوقت الضُّحى، وتُشرع صلاة الضحى مِن وقت ارتفاع الشمس قدر رُمحٍ في عين الناظر إليها، وهو ما يقدر الآن بخمس وعشرين دقيقة تقريبًا في مصر بعد الشروق، وإلى ما قبل زوال الشمس عن وسط السماء، أي: قبل دخول وقت صلاة الظهر بقليل، وهو ما يقدر الآن في مصر بأربع دقائق تقريبًا قبل دخول وقت صلاة الظهر.
فضل صلاة الضحى
من فضائل صلاة الضحى: أنها من أسباب مغفرة الذنوب ولو كانت مثل زَبَد البحر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من حافظ على شُفعة الضحى غُفِر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر».
ومن فضائلها أيضًا: أنها مجزئة عن جميع الصدقات المطلوبة على جميع سُلَاميات بدن الإنسان أي عظامه في كل يوم شكرًا لله على نعمته وفضله، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى».
وإظهارًا لأهمية صلاة الضحى، وتأكيدًا على بيان فضلها قد جعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصيةً بين أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر».
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «أوصاني حبيبي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاث، لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر».
مذهب جمهور الفقهاء في حكم المداومة على صلاة الضحى
المواظبة على صلاة الضحى مستحبة شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية، والإمام الآجري والإمام ابن عقيل والشيخ ابن تيمية من الحنابلة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من حافظ على شُفعة الضحى غُفِر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر».
قال الإمام الطحطاوي الحنفي في “حاشيته على مراقي الفلاح”: اختلف العلماء هل الأفضل المواظبة عليها أو لا؟ والظاهر الأول.
وقال الإمام شمس الدين الحطاب المالكي في “مواهب الجليل” في بيان حكم صلاة الضحى: حكمها حكم سائر النوافل تُستحب المداومة عليها، ومن تركها فلا إثم عليه ولا حرج.
وقال الإمام أبو الحسن الماوردي الشافعي في “الحاوي الكبير” في ذكر أحكام صلاة الضحى: والمداومة عليها أفضل.
وقال الإمام علاء الدين أبو الحسن المرداوي الحنبلي في “الإنصاف”: اختار الآجري وابن عقيل استحباب المداومة عليها، ونقله موسى بن هارون عن أحمد، ويستحب المداومة عليها في أصح الوجهين، قال المجد في “شرحه”، وصاحب “الحاوي الكبير”: وهو الصحيح عندي.
مذهب الحنابلة في حكم المداومة على صلاة الضحى
ذهب جمهور فقهاء الحنابلة إلى عدم استحباب المداومة على صلاة الضحى؛ لما جاء عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الضحى؟ قالت: «لا، إلا أن يجيء من مغيبه».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها».
قال الإمام علاء الدين أبو الحسن المرداوي الحنبلي في “الإنصاف”: الصحيح من المذهب أنه لا يُستحب المداومة على فعلها، بل تُفعل غبًّا، نص عليه في رواية المروذي، وعليه جمهور الأصحاب.
المختار للفتوى في حكم المداومة على صلاة الضحى
المختار للفتوى هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من القول باستحباب المداومة على صلاة الضحى؛ لعموم الأدلة الواردة في فضلها وحث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المحافظة عليها.
توجيه ما ورد في السنة النبوية من عدم مداومة النبي على صلاة الضحى
أما ما ورد من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يداوم على صلاة الضحى؛ فلأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يدع العمل وهو يحب أن يفعله خشية أن يداوم الناس عليه فيُفرض عليهم ويثقل عليهم المحافظة عليه، وهذا ما ثبت عن السيدة عائشة رضي الله عنها وحرصها على المداومة على صلاة الضحى مع روايتها عدم مداومة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي سُبحة الضحى قط، وإني لأُسبحها، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به، خشية أن يعمل به الناس فيُفرض عليهم».
وأما ما جاء من قول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كان يصلي الضحى، فمحمول على أنها ما رأته صلى الله عليه وآله وسلم يصليها، كما جاء في الرواية السابقة، وسبب ذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يعتد أن يكون في وقت الضحى عند أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها إلا نادرًا، ويرجع ذلك لكونه صلى الله عليه وآله وسلم مسافرًا، أو حاضرًا ولكنه في المسجد أو عند غيرها من زوجاته، فيصح قولها: “ما رأيته يصليها” في حق ما عاينته بنفسها من حاله صلى الله عليه وآله وسلم، وتكون قد علمت بخبره أو خبر غيره أنه صلاها؛ كما جاء في “شرح صحيح مسلم” للإمام النووي.