بعد مشهد إمام أول العيد.. ما حكم اللهو مع الأطفال في المساجد؟

المساجد هي بيوت الله تعالى، حيث يلتقي فيها المؤمنون في صلواتهم وذكرهم وتعلمهم. هي أماكن تعظم فيها السكينة والخشوع، وتُحترم فيها قدسية العبادة. ولكن رغم ذلك حرص الإسلام على غرس محبة المساجد في قلوب الصغار، وتشجيعهم على ارتيادها، لتكون جزءً من تربيتهم الروحية منذ الصغر.
قال الشيخ أحمد السيد شقرة الواعظ بالأزهر في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم»: لقد كان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يُظهر رحمة كبيرة بالأطفال حتى في أوقات العبادة. فقد رُوي أنه كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
هذا المشهد يعكس اللطف والرحمة التي يجب أن تتسم بها العلاقة بين المسلمين وأطفالهم داخل المساجد.
وفي ذات السياق، نعلم أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على أن يكون للأطفال دور في الحياة الدينية؛ فقد أمر بتعليمهم الصلاة.
وكان الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان حوله أثناء صلاته، مما يظهر أنه لم يكن يمنع الأطفال من التواجد في المسجد، بل على العكس كان يشجعهم على التفاعل مع البيئة الروحية في المسجد.
وفي حادثة أخرى دخلت مجموعة من الحبشة إلى المسجد في يوم عيد وهم يلعبون بالدرق والحراب ويرقصون، وكانوا يرفعون أصواتهم فرحًا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بينما كان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يراقبهم بعيون مليئة بالرحمة والقبول، وعندما تدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لينهرهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعهم يا عمر، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، وأني بعثت بحنيفية سمحة" (رواه البخاري).
وأوضح أن هذه الحادثة تبرز مرونة الإسلام، الذي يسمح بالفرح والمرح بما يتناسب مع قدسية المكان، طالما أن ذلك لا يُخلُّ بالعبادة.
كيف نوفق بين محبة المساجد وحرمتها؟
وبين أن إغلاق أبواب المساجد أمام الأطفال ليس هو الحل. بل يجب أن تكون المساجد مكانًا مفتوحًا لهم، لكن مع الحفاظ على حرمتها وآدابها. من المهم أن نغرس في الأطفال حب المسجد منذ الصغر، مع مراعاة بعض الضوابط:
1. التدرج في التعليم: يجب أن نعلم الأطفال كيفية احترام المسجد بشكل تدريجي، دون قسوة، من خلال تعليمهم السكينة والهدوء داخل المكان.
2. تخصيص أماكن للأنشطة: يمكن تخصيص ركن هادئ في المسجد للأطفال، يُستخدم للقصص والأنشطة التعليمية التي تربطهم بالمسجد والدين.
3. القدوة الحسنة: يجب أن نكون قدوة حسنة لأطفالنا في سلوكنا داخل المسجد، من حيث احترام قدسيته وتعليمهم أهمية العبادة، حتى يقتدوا بنا في سلوكهم.
وشدد على أن المسجد ليس فقط مكانًا للعبادة، بل هو أيضًا مدرسة تربوية تُغرس فيها القيم الروحية. ونحن مطالبون بأن نعلم الأطفال احترام المسجد مع الحفاظ على روحه الطيبة، من خلال التوازن بين الرحمة والآداب؛ كما قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]، فلنجعل تعاملنا مع الأطفال داخل المساجد دعوةً بالحكمة والموعظة الحسنة، تجمع بين الرحمة والحكمة؛ لنزرع فيهم حب المسجد منذ الصغر، ليكونوا غدًا أئمة هداة ودعاة لهذا الدين الحنيف.