الصلاة على النبي.. ما حكمة صلاة الملائكة والمؤمنين وقد صلى عليه الله؟
الصلاة على النبي واحدة من أعظم القربات، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ وَمَلَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَا}[الأحزاب: آية ٥٦]، لكن ما حكمة صلاة الملائكة والمؤمنين على النبي وقد صلى عليه ربه سبحانه وتعالى؟
ما حكمة صلاة الملائكة والمؤمنين على النبي؟
يذكر الدكتور جمال الأكشة عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر: قال البخاري: قال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء. وقال ابن عباس: يصلون يبركون.
وروى عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار. كما روى الأعمش عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: صلاته تبارك وتعالى سبوح قدوس سبقت رحمتی غضبى، والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثنى عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه ، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلى بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلى جميعاً.
وقد جاءت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بالصلاة عليه ، وكيفية الصلاة عليه، ومن هذه الأحاديث:
ما روي عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أنه قال:{إنَّ النبيَّ ﷺ خَرَجَ عَلَيْنا ، فَقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ ، قدْ عَلِمْنا كيفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ ، فَكيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قالَ: فَقُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ ، وعلى آلِ مُحَمَّدٍ ، كما صَلَّيْتَ على آلِ إبْراهِيمَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بارِكْ على مُحَمَّدٍ ، وعلى آلِ مُحَمَّدٍ ، كما بارَكْتَ على آلِ إبْراهِيمَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}. أخرجه البخاري، ومسلم.
وأيضا ما روي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال:{قُلْنا: يا رَسولَ اللهِ ، هذا السَّلامُ عَلَيْكَ ، فَكيفَ نُصَلِّي؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسولِكَ ، كما صَلَّيْتَ على إبْراهِيمَ ، وبارِكْ على مُحَمَّدٍ ، وعلى آلِ مُحَمَّدٍ ، كما بارَكْتَ على إبْراهِيمَ وآلِ إبْراهِيمَ}. صحيح البخاري.
روي أيضا عن أبي مسعود عقبة بن عمرو - رضي الله عنه - أنه قال:{أَتانا رَسولُ اللهِ ﷺ ونَحْنُ في مَجْلِسِ سَعْدِ بنِ عُبادَةَ ، فَقالَ له بَشِيرُ بنُ سَعْدٍ: أمَرَنا اللهُ تَعالى أنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يا رَسولَ اللهِ ، فَكيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قالَ: فَسَكَتَ رَسولُ اللهِ ﷺ، حتّى تَمَنَّيْنا أنَّه لَمْ يَسْأَلْهُ ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: قُولوا اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّدٍ ، كما صَلَّيْتَ على آلِ إبْراهِيمَ وبارِكْ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّدٍ كما بارَكْتَ على آلِ إبْراهِيمَ في العالَمِينَ ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، والسَّلامُ كما قدْ عَلِمْتُمْ}. صحيح مسلم .
{يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما }أي فأنتم أيها المؤمنون أكثروا من الصلاة والتسليم، فحقه عليكم عظيم، فقد كان المنقذ لكم من الضلالة إلى الهدى، والمخرج لكم من الظلمات إلى النور، فقولوا كلما ذكر اسمه الشريف"اللهم صلِّ على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً".
قال الصاوي : وحكمةُ صلاة الملائكة والمؤمنين على النبي ﷺ تشريفهم بذلك ، حيث اقتدوا بالله جل وعلا في الصلاة عليه وتعظيمه ، ومكافاةٌ لبعض حقوقه على الخلق؛ لأنه الواسطة العظمى في كل نعمة وصلت لهم، وحقٌ على من وصل له نعمة من شخص أن يكافئه ، ولما كان الخلق عاجزين عن مكافأته طلبوا من القادر الملك أن يكافئه ، وهذا هو السِّرُّ في قولهم : "اللهم صل على محمد"
فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم:
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا " صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو.
. وقال سهل بن عبد الله : الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات ؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته ، ثم أمر بها المؤمنين ؛ وسائر العبادات ليس كذلك.
قال أبو سليمان الداراني : من أراد أن يسأل الله حاجة قليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يسأل الله حاجته ، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن الله تعالى يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يرد ما بينهما .
وقد روي عن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - أنَّ عُمَرَ بنَ الخطابِ - رضي الله عنه - قال: {إنَّ الدُّعاءَ مَوْقوفٌ بين السماءِ والأرضِ ، لا يصعَدُ منه شيءٌ حتى تُصلِّيَ على نبِيِّكَ}.



