ما هي قناة بنما التي تحدث عنها ترامب ويرغب في السيطرة عليها؟

قناة بنما هي إحدى أعظم الإنجازات الهندسية في العالم، حيث توفر ممرًا مائيًا حيويًا يربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ عبر برزخ بنما في أمريكا الوسطى.
تمثل القناة أهمية استراتيجية هائلة بالنسبة للتجارة العالمية، حيث تعتبر نقطة عبور رئيسية للسفن التجارية التي تتنقل بين المحيطين.
وخلال فترة رئاسته الأولي، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قناة بنما في عدة مناسبات، مما أثار تساؤلات حول موقفه من القناة ورغبته المحتملة في التأثير على إدارتها، وفي خطاب تنصيبه الرئاسي للفترة الثانية، أعرب دونالد ترامب عن نيته استعادة قناة بنما.
وشدد ترامب على أن الولايات المتحدة "ستستعيد الممر المائي الذي بنته وانفقت عليه الكثير"، مشيرا إلى أن السفن الأمريكية تعاني من "معاملة غير عادلة ورسوم مرتفعة عند استخدام القناة".
ويستعرض موقع "نيوز رووم" خلال هذا التقرير، تاريخ القناة وأهميتها، بالإضافة إلى سياستها الاقتصادية.
تاريخ قناة بنما
تعود فكرة إنشاء قناة بنما إلى القرن السادس عشر عندما اقترح الإسبان في البداية بناء ممر مائي يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ.
ومع ذلك، كانت محاولات التنفيذ الأولية فاشلة بسبب التحديات الجغرافية والطبيعية مثل التضاريس الوعرة والأمطار الغزيرة.
في نهاية المطاف، أصبح حلم بناء القناة حقيقة بعد أن بدأ الفرنسيون بقيادة فرديناند دي لسبس (الذي بنى قناة السويس) في محاولة تنفيذ المشروع في أواخر القرن التاسع عشر، إلا أن المشروع انتهى بالفشل بسبب مشاكل تمويلية وانتشار الأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك.
في عام 1904، تولت الولايات المتحدة مهمة بناء القناة بعد أن حصلت على حقوق السيطرة عليها من خلال معاهدة مع الحكومة الكولومبية، حيث كانت بنما آنذاك جزءًا من كولومبيا.
وتمكن الأمريكيون من إتمام بناء القناة في عام 1914، وبعدها أصبحت القناة أحد أعظم المشاريع الهندسية التي غيرت مجرى التجارة العالمية.
ومنذ افتتاحها، كانت قناة بنما تحت السيطرة الأمريكية حتى عام 1999، عندما تم تسليمها رسميًا إلى الحكومة البنمية بموجب معاهدة توريخوس-كارتر.
أهمية قناة بنما
تتمثل أهمية قناة بنما في أنها توفر مسارًا مائيًا حيويًا بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، مما يسمح للسفن بتجنب الرحلات الطويلة حول رأس الرجاء الصالح أو عبر مضيق ماجلان في أقصى جنوب أمريكا الجنوبية، وهذا يوفر وقتًا كبيرًا في السفر، بالإضافة إلى خفض تكاليف الشحن.
تُستخدم قناة بنما بشكل رئيسي من قبل السفن التجارية، بما في ذلك السفن الحاويات وناقلات النفط، لكنها أيضًا تعد نقطة محورية للملاحة العسكرية.
في الحروب والصراعات العسكرية، كانت القناة تُمثل ممرًا استراتيجيًا يسهل تحريك الأساطيل بين المحيطات.
الموقف البنمي
منذ تسلم بنما السيطرة الكاملة على قناة بنما في 31 ديسمبر 1999، أصبحت الحكومة البنمية مسؤولة عن إدارتها، ومنذ ذلك الحين، استمرت القناة في العمل كأداة حيوية في الاقتصاد البنمي والعالمي.
أدارت هيئة قناة بنما (ACP) القناة بكفاءة، وتواصلت مع الشركاء الدوليين لضمان حرية المرور عبر القناة.
تسهم القناة بشكل كبير في الاقتصاد البنمي، حيث تدر إيرادات ضخمة على الدولة من رسوم المرور، ويعتمد الاقتصاد البنمي بشكل كبير على هذه الإيرادات، كما أن القناة تعزز مكانة بنما كدولة مركزية في التجارة الدولية.
التحديات المستقبلية لقناة بنما
في الوقت الحاضر، تواجه قناة بنما تحديات جديدة، بما في ذلك الحاجة إلى تحديث بنيتها التحتية لمواكبة التطورات في صناعة الشحن.
في السنوات الأخيرة، زادت أعداد السفن الكبيرة (المعروفة بسفن النجمة العظمى) التي تمر عبر القناة، مما أدى إلى ضرورة توسيع وتعميق القناة.
كان من أبرز المشاريع الكبرى التي نفذتها بنما هو توسيع قناة بنما في عام 2016، ما مكنها من استيعاب السفن الأكبر حجمًا التي لا يمكنها العبور من خلال القناة القديمة، وهذا التوسع أسهم في زيادة حركة التجارة عبر القناة في المستقبل.
قناة بنما هي أكثر من مجرد ممر مائي؛ إنها شريان حيوي للتجارة العالمية وأداة استراتيجية، وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن أهمية القناة في سياقات متعددة، إلا أن فكرة السيطرة عليها لم تكن واقعية أو عملية بالنظر إلى الواقع السياسي والاقتصادي.
ومنذ عام 1999، أصبحت بنما مسؤولة عن إدارة القناة، التي تواصل دورها الحيوي في الاقتصاد العالمي.
تستمر قناة بنما في التأثير بشكل كبير على حركة التجارة العالمية، وتعتبر بمثابة محرك رئيسي لاقتصاد بنما.
في المستقبل، من المتوقع أن تظل القناة محورًا حيويًا للتجارة الدولية، مع تحسينات مستمرة في بنيتها التحتية لمواكبة التحديات الجديدة.