عاجل

السيد أحمد البدوي من فاس إلى طنطا.. رحلة نور أحيت القلوب سبعة قرون

مقام السيد أحمد البدوي
مقام السيد أحمد البدوي

السيد أحمد بن علي بن يحيى البدوي الحسيني الفاسي أحد أعلام التصوف الإسلامي وركيزة من ركائز الروحانية في مصر والعالم العربي والإسلامي. وُلد بمدينة فاس المغربية عام 596 هـ / 1199 م لأسرة حسينية شريفة تنتسب إلى الإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنهما، وهاجر مع أسرته إلى مكة المكرمة حيث نشأ في بيئة دينية نقية تزدان بحب الله ورسوله، فحفظ القرآن الكريم صغيرًا، وتشرب علوم الشريعة والتصوف حتى صار من كبار العارفين بالله.

قبلة الروحانيين

ارتحل إلى في شبابه إلى  العراق حيث تتلمذ على يد كبار مشايخ القوم، ثم استقر به المقام في مدينة طنطا المصرية، التي أصبحت قبلة للروحانيين ومحبي آل البيت من شتى بقاع الأرض، واتخذ من زواياه منارةً للذكر والعبادة والإصلاح، وبثّ فيها روح التآخي والإيمان.

لقّب الإمام البدوي بـ "الشيخ أبو الفتيان" و"السيد البدوي" و"السطوحي"، وعرف بصفاء روحه وكراماته التي تناقلتها الألسنة جيلاً بعد جيل، حتى غدا رمزًا للتقوى والجهاد الروحي، ومثالًا للمجاهد الصامت الذي أحيا القلوب بسكونه، وجمَع الناس على كلمة الحق والمحبة.

الطرق الصوفية الكبرى

وأسس طريقته المعروفة باسم الطريقة الأحمدية أو البدوية، وهي من الطرق الصوفية الكبرى التي امتدت في مصر والمغرب والشام والسودان، وتستمد منهجها من الكتاب والسنة، وتقوم على تزكية النفس ومجاهدة الهوى وخدمة الخلق، فكان لها دور بارز في نشر الأخلاق والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

مسجد السيد البدوي 
مسجد السيد البدوي 

رحل الإمام السيد أحمد البدوي إلى جوار ربه عام 675 هـ / 1276 م، ودُفن في مسجده بمدينة طنطا، الذي بات مزارًا عظيمًا ومهوى أفئدة الملايين من الزائرين في مولده السنوي، الذي يعد من أكبر وأعرق الموالد في العالم الإسلامي، ومناسبة تتجلى فيها قيم المحبة والوحدة والتسامح التي دعا إليها الإسلام.

  وبعد مرور أكثر من سبعة قرون على رحيله، يظل مولد السيد البدوي رمزًا للتآلف والتراحم، وملتقى لأبناء الوطن الذين يجتمعون على حب آل البيت، وتجسيدًا حيًّا للإسلام الوسطي الذي يُعلي من شأن العمل الصالح والنية الخالصة، بعيدًا عن الغلو والتشدد. وبرغم كل محاولات التشويه التي يسعى أصحاب الفكر المتشدد إلى بثها في المجتمع، تبقى الحقيقة واضحة جلية: أن التصوف الأصيل هو الحارس الأمين لقيم الدين ووسطية الإسلام، وصوت الحق باقٍ لا يخبو نوره مهما تعالت الأصوات الزائفة.

تم نسخ الرابط