عاجل

لماذا تتكتم الحوثيون على مقتل قياداتهم جراء العدوان الإسرائيلي؟

الحوثيين
الحوثيين

تلقت جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن ضربة موجعة عقب مقتل عدد من أبرز قياداتها العسكرية والسياسية في غارات إسرائيلية استهدفت العاصمة صنعاء، مما تسبب في حالة من الارتباك والتوتر داخل صفوف الجماعة. 

وبعد مرور خمسين يومًا على الهجوم، اضطرت جماعة الحوثيين للاعتراف بمصرع رئيس أركانها محمد عبد الكريم الغماري، في خطوة رأى فيها مراقبون أنها جاءت بعد إعادة ترتيب هرم القيادة العسكرية، ومحاولة لحماية المعنويات داخل صفوفها.

محمد عبد الكريم الغماري
محمد عبد الكريم الغماري

أسباب عدم إعلان مقتل رؤوسها

يرى محللون يمنيون أن هذا التأخير في الإعلان كشف عن أزمةٍ داخلية تعاني منها الجماعة، تتمثل في تصدع الصورة القدسية لرموزها العسكرية، وتراجع ثقة القواعد القيادية فيها، فضلًا عن الغموض الذي أحاط بمصير الغماري وبقية القيادات، ثم الإعلان المتأخر، يعكس حجم التحديات التنظيمية والأمنية التي تمر بها الجماعة.

وأشار الخبير العسكري اليمني العميد ركن عبد الصمد المجزفي، أشار إلى أن خسارة قيادات بارزة تشكل ضربة قوية للمليشيات، خصوصًا أن تلك القيادات كانت تشكّل النواة الأساسية لبنية الجماعة العسكرية منذ نشأتها، وتلعب دورًا مركزيًا في التنسيق بين القيادة والقواعد الميدانية، وتنظيم شبكات العمل العسكري.

وأوضح المجزفي أن تأخير الحوثيين في الإعلان يعود إلى عدة أسباب، أبرزها رغبتهم في تفادي انهيار الروح المعنوية لمقاتليهم، إلى جانب حاجتهم لترتيب القيادات البديلة، وهي عملية معقدة نظرًا لقلة الخيارات المتاحة وغياب الكفاءات القيادية البديلة، مضيفًا أن الجماعة كانت حريصة على عدم منح إسرائيل أي فرصة للظهور بمظهر المنتصر أمام أنصارها، على الرغم من أن تل أبيب كانت على علم بمن استهدفته تحديدًا.

وتوقع المجزفي أن يتضح لاحقًا أن هناك قادة آخرين من الصف الأول قُتلوا أو أصيبوا خلال نفس العملية، إلا أن الجماعة لا تزال تتكتم على مصيرهم، ما يشير إلى احتمال تعرضها لفقدان عدد من عناصرها الأكثر فاعلية.

فراغ تنظيمي وصراع داخلي

من جانبه، يرى الباحث السياسي والصحفي اليمني أنس الخليدي أن مقتل قيادات بحجم الغماري يشكل ضربة لبنية الجماعة التنظيمية، التي ترتكز بشكل أساسي على الولاء الشخصي ومركزية القرار، أكثر من اعتمادها على كفاءة مؤسساتية حقيقية، مؤكدًا أن غياب مثل هذه القيادات يخلق فراغًا مزدوجًا، الأول على مستوى القيادة المباشرة، والثاني وهو الأخطر  في الثقة الداخلية بين أجنحة الجماعة.

وأشار الخليدي إلى أن التأخر في إعلان مقتل القيادات يعكس حالة من الارتباك الداخلي، وليس مجرد تريث إعلامي. فالجماعة التي اعتادت تقديم نفسها كمنظومة أمنية محصّنة، وجدت نفسها مكشوفة أمام جمهورها، غير قادرة على تفسير ما حدث دون الاعتراف بتصدع خطير في بنيتها الأمنية.

وأضاف أن الحوثيين لجأوا إلى ما أسماه بإدارة الأزمة بالصمت، حتى يتمكنوا من صناعة رواية داخلية لا تخلخل صورة الهيبة والعصمة التي يحرصون على بنائها حول قادتهم.، بجانب أن الصراع داخل أجنحة القيادة يضيف بعدًا آخر للمسألة، حيث يتداخل الإعلان عن الخسائر مع معارك داخلية حول من يتحمل المسؤولية، ومن يملأ الفراغ الذي خلفته تلك الخسائر.

ويرجح الخليدي أيضًا أن هناك أسماء أخرى لقادة بارزين قُتلوا أو أصيبوا ولم يُعلن عنهم بعد، وهو أسلوب متكرر لدى الحوثيين يعرف بسياسة الإخفاء الوقائي، حيث يتم حجب المعلومات حتى يعاد ترتيب التوازنات داخل القيادة، ويحسم أمر البدائل وضمان الولاء الكامل للقيادة الجديدة.

تم نسخ الرابط