هل انقلب ترامب على وثيقة اتفاق وقف حرب غزة؟

أثار تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إمكانية السماح لإسرائيل باستئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة، جدلاً واسعاً حول مدى التزام واشنطن بوثيقة الضمانات التي تم التوقيع عليها خلال قمة شرم الشيخ للسلام، والتي تنص صراحة على منع العودة إلى الحرب.
ووفقاً لتحليلات خبيرين سياسيين تحدثافي تصريحات صحفية، فإن تهديدات ترامب تمثل تجاهلاً واضحاً لما تم الاتفاق عليه، وتعكس تعاملاً مع الوثيقة باعتبارها اتفاقاً أمريكياً إسرائيلياً محصوراً، بدلاً من كونها وثيقة دولية ملزمة، وهو ما يهدد بإفشال المسار الكامل لإنهاء الحرب في غزة.
وكان ترامب قد صرح الأربعاء الماضي بأنه سيفكر بالسماح لرئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستئناف القتال في غزة، إذا لم تلتزم حماس بجانبها من اتفاق وقف إطلاق النار، مضيفاً أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمكنه العودة إلى الحرب بكلمة واحدة مني.

ووفقاً لبنود الاتفاق، أفرجت حماس عن 20 رهينة إسرائيلياً على قيد الحياة، بالإضافة إلى جثامين 10 رهائن من أصل 28، مقابل إطلاق سراح أكثر من 1700 معتقل فلسطيني في المرحلة الأولى.
إسرائيل تزعم تباطؤ حماس في تسليم الجثث
وتتهم إسرائيل حركة حماس بالتلكؤ في تسليم ما تبقى من جثامين الرهائن، وهو ما تنفيه الحركة، مؤكدة أنها سلمت الجثث التي تم تحديد مواقعها، في حين تعيق عمليات انتشال الجثث الأخرى عوامل لوجستية كبيرة، على رأسها الدمار الواسع ونقص المعدات اللازمة، بالإضافة إلى عدم معرفة المواقع الدقيقة للجثامين بسبب القصف الإسرائيلي المكثف على غزة.
فيما يرى المحلل السياسي ياسين الدويش يرى أن تصريحات ترامب تتعارض تماماً مع المبادئ التي قامت عليها قمة شرم الشيخ، والتي نصت على حل جميع الإشكالات عبر المفاوضات. كما اعتبر أن اعتبار الوثيقة "أداة أمريكية-إسرائيلية" ينسف مشروعيتها الدولية ويطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام واشنطن بتعهداتها بعدم العودة إلى الحرب.
وأشار الدويش إلى أن ما تعتبره إسرائيل "خروقات" من جانب حركة حماس، مثل تأخير تسليم الجثامين، يتم التعامل معه وفق رواية أمريكية إسرائيلية لا تأخذ في الاعتبار الواقع الميداني الصعب في غزة، حيث يعاني القطاع من دمار هائل تسبب في دفن الكثير من الجثث تحت الأنقاض.

من جهته، أكد المحلل السياسي سلمان الطويل أن تهديدات ترامب لا تعكس فقط انحيازاً واضحاً للموقف الإسرائيلي، بل تمثل أيضاً تجاهلاً لروح الوثيقة التي تمثل التزاماً جماعياً بوقف دائم لإطلاق النار.
وأضاف أن تصريحات الرئيس الأمريكي تفتقر إلى مراعاة الظروف الإنسانية في غزة، لا سيما تعذر الوصول إلى الجثامين نتيجة نقص المعدات والتدمير الواسع.
وشدد الطويل على أن هذه التصريحات تأتي في وقت حساس، بعد إعلان ترامب بدء المرحلة الثانية من خطته لإنهاء الحرب، مما يجعل التعامل مع وثيقة الضمانات وكأنها مجرد أداة تفاوضية خاصة بواشنطن، لا اتفاقاً دولياً ملزماً، وهو ما يُضعف الثقة في العملية برمتها.
واتفق الطويل مع الدويش في أن الموقف الأمريكي الحالي يضعف فرص نجاح الهدنة ويجعلها عرضة للانهيار، في ظل إصرار ترامب على تبني وجهة النظر الإسرائيلية في معظم الملفات، متجاهلاً التحديات الميدانية والإنسانية التي تعيق تنفيذ بعض بنود الاتفاق، وعلى رأسها تسليم جثامين الرهائن امتبقين