عاجل

تعقيدات المشهد الليبي المتزايدة وتصاعد الشكوك

البعثة الليبية بمجلس الأمن تطلب الدعم الدولي: الوضع في غرب البلاد لا يزال هشا

هانا تيتيه مبعوثة
هانا تيتيه مبعوثة الأمم المتحدة لدى ليبيا

عادت البعثة الأممية في ليبيا إلى مجلس الأمن الدولي لتقديم إحاطتها الدورية، في ظل تساؤلات ملحة حول جدوى الجهود المبذولة لإنهاء الجمود السياسي، حيث إن هذه الإحاطة التي تقدمها المبعوثة الأممية هانا تيتيه تأتي بعد مرور شهرين على المهلة التي طلبتها في أغسطس الماضي بهدف حلحلة الأزمة قبل انتهاء ولايتها بموجب قرار مجلس الأمن 2755.
​تصريحات البعثة الأممية: تحذير ودعوة للدعم
​شهدت جلسة الإحاطة تصريحات عاجلة فقد أكدت تيتيه أن الوضع في غرب ليبيا لا يزال هشا، محذرة من استمرار حالة عدم الاستقرار، كما وجهت دعوة صريحة ومباشرة لدعم مجلس الأمن الدولي قائلة: "نطلب دعم مجلس الأمن الدولي أمام التحديات التي تواجه ليبيا".

و​على الرغم من المهلة التي طالبت بها المبعوثة الأممية في أغسطس الماضي لتقديم خارطة طريق متسلسلة نحو الانتخابات والمصالحة وتشكيل حكومة موحدة خلال شهرين، يرى خبراء ومحللون أن شيئًا ملموسًا لم يتحقق، وأن المشهد السياسي الليبي لا يزال يدور في "حلقة مفرغة" من الانقسام والتجاذب.

أكد المحلل السياسي الليبي ناصر سعيد أن البعثة الأممية لم تسجل أي تقدم يُذكر بعد مرور المهلة المحددة، واصفًا ما حدث بـ"الفشل الذريع"، وأرجع سعيد هذا الإخفاق إلى ثلاثة عوامل رئيسية متداخلة:

  • انعدام الإرادة السياسية: حيث يرى أن الأطراف الليبية الرئيسية لا تملك الرغبة الحقيقية في إنهاء أزمة السلطة، بل تفضل استمرار الوضع القائم الذي يمنحها شرعية وموارد.
  • ​التدخلات الإقليمية المتضاربة التي لا تزال تشكل عائقًا حقيقيًا أمام التوصل إلى تسوية شاملة بسبب الدعم الخارجي المتناقض للأطراف المحلية.
  • ضعف أدوات الضغط الأممية: فبالرغم من الجدية التي تبديها تيتيه، فإن أدوات الأمم المتحدة تبقى محدودة وغير كافية لفرض تنازلات على الأطراف المتصارعة.

​المناصب السيادية وتجنب "التسييس"

​في المقابل، قدم أستاذ العلوم السياسية الليبي ورئيس حزب ليبيا الكرامة، الدكتورة يوسف الفارسي، رؤية مختلفة لأسباب التعطيل، مؤكدًا أن أزمة عدم حسم عدد من المناصب السيادية تتجاوز مجرد الخلاف بين المجلسين، ويرى الفارسي أن هذه الأزمة ترتبط "بمحاولات من داخل الدولة لتعطيل المسار السياسي"، من خلال فرض أطراف موالية بهدف السيطرة على مراكز القرار قبل الانتخابات القادمة.

​وأوضح أن مسعى بعض الجهات إلى فرض مرشحين بعينهم يهدف إلى "إعادة تشكيل المشهد بما يتماشى مع مصالحهم"، مؤكدًا أن النية كانت واضحة لإفشال الانتخابات عبر الدفع بأطراف على هوى السلطة.

​ومع ذلك، شدد الفارسي على أن الإبقاء على الوضع القائم، رغم تعقيداته، يظل أفضل من فرض خيارات قد تفتح المجال أمام تسييس العملية الانتخابية"، لا سيما في حال وصول مرشحين تدور حولهم شكوك بالولاء لتنظيمات إرهابية.

وأشار الفارسي إلى أن ملف المناصب السيادية سيُدرج ضمن "الحوار المهيكل" المزمع انطلاقه قريبًا، معتبرًا هذا المسار الأنسب لمعالجة هذه القضايا الخلافية بعيدًا عن التجاذبات السياسية"،

 كما أكد أن مهمة مجلس النواب ستتمحور لاحقًا حول اعتماد الحكومة القادمة التي يُتوقع أن يتم التوافق عليها عبر بعثة الأمم المتحدة، مشددًا على أن انطلاق الحوار المهيكل بات وشيكًا لـ "إعادة ترتيب المشهد السياسي على أسس واضحة" بعيدًا عن منطق الإقصاء أو الهيمنة.

عرقلة "الخارطة الأممية" واستمرار التأجيل

​تأتي هذه التطورات في الوقت الذي كانت فيه الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، قد أعلنت في 21 أغسطس الماضي عن خارطة طريق شاملة تتضمن خطوات نحو الانتخابات والمصالحة الوطنية وتشكيل حكومة جديدة موحدة خلال شهرين، غير أن اشتباكات وتحشيدات عسكرية شهدتها العاصمة طرابلس مؤخرًا، حاولت عرقلة تنفيذ هذه الخارطة، ما يؤكد هشاشة الوضع الأمني والسياسي.

و​بعد أكثر من عقد على الانقسام السياسي وتعدد الحكومات، ولا تزال الأمم المتحدة تحاول الإمساك بخيوط مبادرة تسوية تبدو كل مرة أقرب إلى الانفلات، وفي ظل تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متكرر، حيث لم تجر أي انتخابات رئاسية حتى الآن رغم تحديد مواعيد سابقة لها في ديسمبر عامي 2021 و 2023 دون تنفيذ، يبقى الشعب الليبي رهينة لهذا الصراع الطويل على السلطة والانقسام المؤسسي المتواصل.

تم نسخ الرابط