ما حكم ترديد «اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء»؟.. معناها وفضلها

ما حكم ترديد صيغة «اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء»؟، سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية من خلال الموقع الرسمي.
صيغة «اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء»
وقالت الإفتاء في بيان حكم صيغة «اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء»، إن دعوى معارضة النصوص لقول: (اللهم صل على محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء) -في الصلاة على سيد الأنام عليه السلام-: جهلٌ بالسنة؛ لأن ذلك وارد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا عند الطبراني في "الدعاء" والديلمي في "الفردوس": “اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ صَلَاتِكِ شَيْءٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ بَرَكَاتِكَ شَيْءٌ، وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنَ السَّلَامِ شَيْءٌ”.
وقد بينه الإمام القاضي أبو عبد الله الرصّاع -كما في "المعيار المعرب": [معنى قوله: (حتى لا يبقى من صلاتك شيء) صلّ على محمد جميعَ ما صليتَ وأبرزتَه لأهل عنايتِك وأنبيائِك ورسلك وملائكتك، وجميعَ ما أبرزه سبحانه مِن الرحمة لـمَن رحِمَه؛ مِن نبي مُرسَل أو ملك مقرب، هو قد انتهى وانحصر ودخل في الوجود؛ فكأنَّ المصلِّي طلب من ربنا سبحانه أن جميع ما رحم الله به عباده وأولياءه وأصفياءه وخاصته، وأحسن به إلى جميع أهل مودته من أهل سمائه وأرضه، لمثله أعط لنبيك وحبيبك ومعدن سرك، فقد كان كذلك، فإن الله سبحانه أنعم عليه صلى الله عليه وآله وسلم بما لم يُعْطِهِ لمجموع أحبته وأهل وده وخاصته، بل أعطاه أكثر وأجمل، وسيعطيه بعدُ ما لا يحيط به عقل، ولا يحويه نقل، فغاية ما في هذا الحديث تخصيص لفظ العموم فيه في الصلاة عليه والبركات، وهذا ليس فيه شيء، والتخصيص إما بالعقل وإما بالنقل والعادة.. وإنما احتجنا إلى هذا التأويل لأنَّ تحسين الظن بالأخيار وأهل المحبة من النقلة واجب، لا سيما والتأويل بابه مفتوح، مع قرب التأويل في ذلك].
لماذا نصلي على النبي يوم الجمعة؟
الصلاة على النبي، وفيهما تتضاعف الحسنات أضعافًا كثيرة تصل إلى سبعين ضعفًا عن سائر الأوقات. كما أن شغل هذين الوقتين الفاضلين بالصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو من أكمل الأعمال وأجملها، لأن يوم الجمعة سيد الأيام، فيليق أن يُملأ بالصلاة والسلام على سيد الأنام. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إن أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أكثرُكم صلاةً عليَّ، فأكثروا من الصلاة عليَّ في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر» أي ليلة الجمعة ويومها كما فسر الإمام الشافعي رحمه الله.
فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
إن الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أجلّ العبادات وأعظم القربات، وهي مفتاح لنيل الخيرات والبركات، وسبب لمغفرة الذنوب وقضاء الحاجات، ودفع البلاء والنقمات، كما أنها طريق إلى رضا الله تعالى وفضله ومحبته لعباده. فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أصل الخير في الدنيا، وهو الشفيع المشفَّع يوم القيامة، والصلاة عليه شفيعٌ للدعاء في الدنيا، وقد ورد الأمر الإلهي بها في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأجمع العلماء على مشروعيتها. قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
وقد عدّها الإمام الرازي نوعًا من التحية المشروعة للنبي الكريم، مبينًا أن الله تعالى أمر المؤمنين أن يردوا التحية بأحسن منها، ثم أمرهم بتحية النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة والسلام عليه.
أما السنة فقد وردت فيها أحاديث كثيرة تؤكد فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، منها ما رواه أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال لرسول الله: أجعل لك من صلاتي كلها؟ فقال: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ» رواه الترمذي وغيره. وجاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضًا أنه قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» رواه مسلم. كما قال عليه الصلاة والسلام: «صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» رواه أبو داود.