حكم الوقوف على القبر بعد الدفن.. هل سنة لها أجر؟| الإفتاء تجيب

أكدت دار الإفتاء أن الوقوف على القبر بعد دفن الميت يُعد من السنن المستحبة شرعًا، وقد نصّ الفقهاء على ذلك لما فيه من الدعاء للميت، والتضرع إلى الله بتثبيته، ومواساة أهله في مصابهم، إلى جانب ما فيه من جبر لخواطرهم وتخفيف لأحزانهم.
وأوضحت الدار، أن الصلاة على الجنازة يترتب عليها قيراط من الأجر، وأن من يحضر الدفن ويبقى حتى الانتهاء منه يُحصّل قيراطًا ثانيًا من الثواب، وهو ما ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"من صلى على جنازة فله قيراط، ومن شهد دفنها فله قيراطان" – رواه البخاري ومسلم.
واستشهدت الفتوى بأقوال كبار العلماء من مختلف المذاهب، حيث جاء في المذهب الحنفي قول الإمام الحدادي في "الجوهرة النيرة":"يستحب إذا دُفن الميت أن يجلسوا ساعة عند القبر بعد الفراغ بقدر ما يُنحر جزور ويُقسم لحمها، يتلون القرآن ويدعون للميت".
كما نقلت عن المالكية قول الإمام أبو بكر الصقلي في "الجامع لمسائل المدونة":"من تمام الصلاة على الجنازة الوقوف عليها حتى تُدفن؛ لما جاء أن في الصلاة عليها قيراطًا من الأجر، وفي الصلاة والدفن قيراطان".
وفي السياق ذاته، قال الإمام النووي الشافعي في كتابه "الأذكار":"يُستحب أن يقعد عند القبر بعد الفراغ ساعة يتلون فيها القرآن، ويدعون للميت، ويذكرون أحوال الصالحين.. فإن ختموا القرآن كله كان حسنًا".
ومن المذهب الحنبلي، ذكرت الفتوى قول الإمام أحمد بن حنبل – كما نقله عنه حنبل – أنه "لا بأس بالقيام على القبر حتى يُدفن؛ جبرًا وإكرامًا"، وأنه كان لا يجلس حتى يُفرغ من دفن الميت إذا حضر جنازة هو وليّها.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن البقاء للدعاء وسؤال الله التثبيت للميت هو الأكمل والأفضل، إلا أن من أراد الانصراف بعد مواراة الميت التراب فقد أدّى الواجب، ولا إثم عليه، كما ورد عن الإمام الشافعي رحمه الله:"فإذا فرغ من القبر فقد أكمل، وينصرف من شاء، ومن أراد أن ينصرف إذا ووري: فذلك له واسع".
واختتمت الدار فتواها بالتأكيد على أن الوقوف على القبر بعد الدفن سُنةٌ مشروعة وثوابها عظيم، ومن الأعمال التي تُعين الميت في لحظاته الأولى في القبر، وتُظهر التكافل والتراحم في المجتمع المسلم.
حكم قراءة القرآن للأموات على المقابر وقت الدفن
قراءة القرآن على الأموات من الأعمال المشروعة التي ثبتت أدلتها في الكتاب والسنة، واستمر عليها عمل المسلمون جيلاً بعد جيل دون إنكار من أهل العلم. وقد جرى فعلها منذ عهد السلف الصالح، سواء عند احتضار الميت، أو بعد وفاته، أو أثناء صلاة الجنازة، أو عند الدفن، أو بعده.
ومن زعم أن هذا الفعل بدعة فقد جانَب الصواب، لأن القراءة على الموتى مما دل عليه الشرع وأقره العمل المتوارث عبر القرون. فلا يليق بالمسلم أن يُصرّ على إنكار أمرٍ ثبتت مشروعيته، لئلا يكون ممن تُعرض عليه آيات ربه فيُعرض عنها.
من المعلوم أن الشرع الشريف أمر بقراءة القرآن الكريم على وجه الإطلاق، والأصل أن الأمر المطلق يشمل جميع الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال، ولا يُقيّد إلا بدليل صريح، وإلا كان في ذلك تضييق لما وسّعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعليه، فإن قراءة القرآن عند القبور قبل الدفن أو أثناءه أو بعده عملٌ مشروع، دلّت عليه النصوص العامة في فضل تلاوة القرآن، كما جاءت أحاديث وآثار خاصة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والسلف الصالح تؤيد هذا الفعل، وقد جمع عدد من الأئمة هذه الأحاديث والآثار في مؤلفاتهم مثل الإمام الخلال في كتابه القراءة على القبور، والإمام الهكاري في هدية الأحياء للأموات، والحافظ ابن تيمية الجد في إهداء القُرَب إلى ساكني التُّرَب، والإمام القرطبي في التذكرة، وغيرهم كثير.