ناشونال انترست: أزمة أدوية خانقة تضرب طهران بسبب العقوبات تهدد حياة الشعب

سلطت مجلة "ناشونال انترست" الأمريكية الضوء على الأزمة الشديدة التي يُعاني منها الإيرانيون بعد إعادة فرض الأمم المتحدة عقوبات على بلادهم، في ظل الخلاف بين طهران والغرب حيال البرنامج النووي الإيراني.
وقالت المجلة في تحليل إنه بحلول مُنتصف سبتمبر الماضي، دخلت أزمة الأدوية الإيرانية مرحلة جديدة أكثر قسوة، مع إفادة مصادر رسمية بنقص في حوالي 300 دواء أساسي، واستحالة الحصول على 100 منها، مشيرة إلى أن العقوبات التي أعيد فرضها على طهران، أدت إلى الحد من قدرتها على دفع ثمن الواردات.
وأضافت المجلة إن ما زاد من الأمر سوءا، هو تشديد الحكومات الأوروبية الضغط، وربطها أي تخفيف للعقوبات بامتثال إيران الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما إن هذه العقوبات جعلت أرفف الصيدليات فارغة، وأدت إلى انتظار المواطنين الإيرانيين أسابيع للحصول على العلاج، إضافة إلى دفع أسعار باهظة في السوق السوداء لشراء الأدوية، واضطرارهم إلى اتخاذ خيارات مؤلمة بين الدواء والاحتياجات الأساسية الأخرى.
أزمة الأدوية تضرب طهران
وسلطت المجلة الضوء علي أزمة الأدوية التي تعاني منها البلاد، وكشفت إنه في الوقت الذي يستعرض فيه النظام الإيراني الصواريخ في طهران، نفدت من الصيدليات في جميع أنحاء البلاد أدوية الأنسولين والسرطان. كما إن أطباء وممرضين غادروا إلى خارج إيران للعمل في وظائف أكثر استقرارًا، وقللت عائلات من نفقات الطعام لتتمكن من دفع ثمن الأدوية.
بينما يصر المسؤولون في إيران على أن الأسلحة ضرورية للدفاع، يرى نظراؤهم في واشنطن إن العقوبات هي السبيل الوحيد للضغط، وبين هاتين الرؤيتين، يُترك ملايين الإيرانيين لمقاضية كرامتهم من أجل البقاء. مضيفاً؛ إن السياسيون في الغرب يصرون على إعفاء السلع الإنسانية من العقوبات، وهذا من الناحية الفنية، لكن عندما تخشى البنوك وشركات التأمين وشركات الشحن من توقيع غرامات عليها بملايين الدولارات مقابل أي معاملة مع إيران، فإن هذا الإعفاء يكون لا قيمة له.
من المستهدف وراء هذه العقوبات؟
وكشفت المجلة، إن المُستهدفين بهذه العقوبات كالحرس الثوري وشبكاته يجدون طرقًا للالتفاف عليها، أما غير المقصودين بها من الشعب الإيراني هم من يعانون منها كمرضى السرطان، ومرضى السكري، والأطفال الذين يعانون من اضطرابات وراثية نادرة.
ويصف الأطباء والمرضى في إيران النظام الصحي بأنه على وشك الانهيار، كما توصل دراسة أجراها مركز (بي.إم.سي) البحثي لخدمات الصحة إلى أن العقوبات جعلت علاج السرطان باهظ التكلفة وغير موثوق به بشكل متزايد.
وسلط البحث الضوء على مكافحة المستشفيات للعثور على أدوية العلاج الكيميائي الأساسية، والتي عندما توجد تكون أسعارها أعلى بكثير من قدرة الأسر العادية على تحملها. وأشار الباحثون في الدراسة التي أجريت هذا العام إلى أن نقص المعدات والكوادر المدربة يفاقم من الأزمة، مما يترك العديد من المرضى ينتظرون رعاية لا تصل أبدًا في بعض الحالات.
وقد استثمرت إيرن بكثافة في المشاريع العسكرية وتعزيز نفوذها الإقليمي، وفي حين أن إيران تمتلك صناعة دوائية ضخمة، غير أنها لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على مواد فعالة مُستوردة، وأدى سوء الإدارة والفساد إلى مفاقمة النقص الحاصل في الأدوية.
وذكرت المجلة أن الطبقة الوسطى، التي كانت في يوم من الأيام عماد السياسة الإصلاحية الإيرانية، آخذة في التفكك، بعد أن فقد الريال أكثر من 90% من قيمته خلال العقد الماضي، واستهلاكه للأجور والمدخرات، ما يتناقض مع وعد الجمهورية الإسلامية بالدفاع عن المُستضعفين. معتبرة أن وعد الغرب باستخدام العقوبات كأداة جراحية لا يقل زيفًا، مشيرة إلى أن المواطنين الإيرانيين العاديين تركوا أمام خيارات أقل لحياة كريمة، في ظل المعاركة القائمة بين النظام الإيراني والغرب.