عاجل

ثمانونَ عامًا في خدمة العلم والوحي.. محطات في حياة محدث العصر أحمد عمر هاشم

الدكتور أحمد عمر
الدكتور أحمد عمر هاشم

رحل الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ورئيس الجامعة الأسبق بعد مسيرة عطاء زاخرة في خدمة العلم، وفي السطور التالية أبرز المحطات في حياته. 

من هو أحمد عمر هاشم؟ 

وُلِدَ فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور أحمد عمر إبراهيم هاشم،في السَّادسِ من فبرايرَ عامَ 1941م، المُوافِقِ العاشرَ مِنَ المُحَرَّمِ سنةَ 1360هـ-في منطقةِ «أبو هاشم»، بقريةِ بني عامرٍ، التابعةِ لمركزِ الزَّقازيقِ، بمحافظةِ الشَّرقيَّةِ.

نَشَأَ فضيلتُه في عائلةٍ مرموقةٍ في العلمِ والتَّصوُّفِ، فتربَّى في كنفِ والدِه الشَّيخِ عمر إبراهيم هاشم، وتلقى العلم على يدِ شيوخِ قريتِه الأفاضلِ، ومنْهم: الشَّيخُ محمود أبو هاشم، والدُّكتور الحسيني عبد المجيد هاشم؛ حيثُ حفظَ القرآنَ الكريمَ بقريتِه في سنٍّ مُبكِّرةٍ، ثمَّ التحقَ بالمرحلةِ الابتدائيَّةِ بمعهدِ الزَّقازيقِ الدِّينيِّ، وأكملَ المرحلةَ الثَّانويَّةَ في المعهدِ نفسِه واختارَ القِسمَ الأدبيَّ؛ حيثُ إنَّه عُرِفَ منذُ حداثةِ سنِّه بشغفِه بالخطابةِ وكثرةِ الاطِّلاعِ، ممَّا جعلَه يحصلُ على شهادةِ الثَّانويَّةِ الأزهريَّةِ بتفوُّقٍ كبيرٍ، أهَّلَه لاختيارِ الكُلِّيَّةِ الَّتي يُريدُ أنْ يلتحقَ بها.

نذر لخدمة القرآن والسنة

كانَ فضيلةُ الأستاذِ الدُّكتور أحمد عمر هاشم يُريدُ أنْ يلتحقَ بكُلِّيَّةِ دارِ العُلومِ أوْ كُلِّيَّةِ اللُّغةِ العربيَّةِ؛ نظرًا لموهبتِه الشِّعريَّةِ، ولكنَّ أباه قالَ له: «إنِّني وهَبْتُكَ قبلَ أنْ تُولَدَ لخدمةِ القرآنِ والسُّنَّةِ؛ فلا أرضَى بغيرِ أُصولِ الدِّينِ بديلًا»، فالتحقَ فضيلتُه بها، وتخصَّصَ في دراسةِ الحديثِ الشَّريفِ، حتَّى حصلَ على الإجازةِ العاليةِ (الليسانس) بتفوُّقٍ عامَ 1961م.

عُيِّنَ فضيلتُه مُعيدًا بقِسمِ الحديثِ وعُلومِه بكُلِّيَّةِ أُصولِ الدِّينِ، ثمَّ واصلَ طَلَبَه للعِلمِ؛ فالتحقَ بالدِّراساتِ العُليا، وحصلَ على درجةِ الماجستير عامَ 1971م، بتقديرِ مُمتازٍ، وكانَ عُنوانُ رسالتِه «الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ وأثرُه في السُّنَّةِ»، وكانَ المُشرِفُ عليه الشَّيخَ محمد أبو زهو، فعُيِّنَ مُدرِّسًا مُساعدًا، وبعدَها بسنتَيْنِ يحصلُ فضيلتُه على الدُّكتوراه معَ مرتبةِ الشَّرفِ، وكانَ عُنوانُها «السُّنَّةُ في القَرْنِ الثَّالثِ الهجريِّ»، وكانَ المُشرِفُ عليه الشَّيخَ محمد أبو زهو أيضًا؛ فيُعَيَّنُ فضيلتُه مُدرِّسًا بالقِسمِ، وبعدَها يُعارُ فضيلتُه إلى جامعةِ أمِّ دُرمانَ بالسُّودانِ لمُدَّةِ شهرَيْنِ عامَ 1976م، ومنْها يُغادرُ مُعارًا إلى كُلِّيَّةِ الشَّريعةِ بمكَّةَ المُكرَّمةِ ليعملَ بها أستاذًا لمدَّةِ أربعِ سنواتٍ، وخلالَها استمرَّ فضيلتُه في تقديمِ أبحاثِه العِلميَّةِ حتَّى صارَ أستاذًا مُساعِدًا عامَ 1978ه، ثمَّ أستاذًا عامَ 1983م، وفي العامِ نفسِه اخْتِيرَ فضيلتُه رئيسًا لقِسمِ الحديثِ الشَّريفِ وعُلومِه بكُلِّيَّةِ أصولِ الدِّينِ، وفي عامِ 1987م يُعيَّنُ فضيلتُه عميدًا لكُلِّيَّةِ أصولِ الدِّينِ والدَّعوةِ بالزَّقازيقِ، وبعدَها بسنتَيْنِ يُصبحُ نائبًا لرئيسِ جامعةِ الأزهرِ الشَّريفِ لشُئونِ التَّعليمِ والطُّلَّابِ.

أحمد عمر هاشم رئيسا لجامعة الأزهر 

وفي عامِ 1995م يقعُ الاختيارُ على فضيلةِ الأستاذِ الدُّكتور أحمد عمر هاشم ليكونَ رئيسًا لجامعةِ الأزهرِ الشَّريفِ، ويستمرُّ في هذا المنصبِ ثمانيَ سنواتٍ، يعودُ بعدَها في عامِ 2003م رئيسًا لقِسمِ الحديثِ وعُلومِه بكُلِّيَّةِ أُصولِ الدِّينِ بالقاهرةِ حتَّى يصلَ لسنِّ التَّقاعُدِ، فيصبحُ أستاذًا مُتفرِّغًا عامَ 2006م.

وتقديرًا لجُهودِ فضيلةِ الأستاذِ الدُّكتور أحمد عمر هاشم، اختِيرَ عضوًا مُؤسِّسًا بهيئةِ كبارِ العُلماءِ عندَما أُعيدَتْ مرَّةً أُخرَى عامَ 2012م؛ حيثُ جاءَ اسمُ فضيلتِه في قرارِ رئيسِ الجمهوريَّةِ رَقْمِ (24)، الصَّادرِ في السَّابعِ والعشرِينَ منْ شعبانَ سنةَ 1433هـ، المُوافِقِ السَّابعَ عَشَرَ منْ يوليو عامَ 2012م.

وقدْ نالَ فضيلتُه عُضويَّةَ كلٍّ منْ: مَجْمَعِ البُحوثِ الإسلاميَّةِ، والمجلسِ الأعلى للشُّئونِ الإسلاميَّةِ، والمجلسِ الأعلى للصَّحابةِ، والمجلسِ الأعلى للثَّقافةِ، والمجلسِ الأعلى للجامعاتِ، ومجلسِ الشَّعبِ، ومجلسِ الشُّورَى.

هذا، وقدْ أثرى الأستاذُ الدُّكتور أحمد عمر هاشم المكتبةَ الإسلاميَّةَ بكثيرٍ مِنَ المُؤلَّفاتِ، ومنْها: «فيضُ البارِي بشرحِ صحيحِ البُخاري»، «منْ توجيهاتِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، «معالمُ على طريقِ السُّنَّةِ»، «منْ هدْيِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ»، «الشَّفاعةُ في ضَوءِ الكتابِ والسُّنَّةِ والردُّ على مُنكرِيها»، «التَّضامُنُ في مواجهةِ التَّحدِّياتِ»، «الإسلامُ وبناءُ الشَّخصيَّةِ»، «الإسلامُ والشَّبابُ»، «الإسلامُ والأسرةُ»، «قصصُ السُّنَّةِ»، «القرآنُ وليلةُ القدرِ»، «قواعدُ أصولِ الحديثِ»، «المُحدِّثون في مِصرَ والأزهرِ»، «السُّنَّةُ في مُواجهةِ التَّحدِّي».

وشارَكَ في العديدِ مِنَ المُؤتمَراتِ العِلميَّةِ، ومنْها: مُؤتمَرُ السُّنَّةِ والسِّيرةِ بالأزهرِ الشَّريفِ، ومُؤتمَرُ الطِّبِّ الإسلاميِّ بكراتشي بباكستانَ وعُنوانُه «التُّراثُ الطِّبِّيُّ الإسلاميُّ»، ومُؤتمَرُ شُئونِ الدَّعوةِ بالأزهرِ الشَّريفِ، وقَدَّمَ فيه بحثًا عُنوانُه «مكانةُ الحرمَيْنِ الشَّريفَيْنِ»، والمُؤتمَرُ الدُّوليُّ للسُّنَّةِ والسِّيرةِ بإسلام آبادَ بباكستانَ وعُنوانُه «خاتَمُ النَّبيِّين وعقيدةُ خَتْمِ النُّبوَّةِ».

ولفضيلةِ الأستاذِ الدُّكتور أحمد عمر هاشم برامجُ إذاعيَّةٌ وتليفزيونيَّةٌ شهيرةٌ، ومنْها: «حديثُ الرُّوحِ»، «ندوةٌ للرَّأْيِ»، «أيامُ اللهِ»، «نَجْمٌ لا يغيبُ»، «المُسلِمون يتساءلُون» وغيرُها.

ثمانونَ عامًا، بلْ تزيدُ أربعةً تقريبًا، قضاها فضيلته خادمًا للعِلْمِ بينَ كتابٍ يُخرجُه، أوْ دَرْسٍ في الجامعِ الأزهرِ أوْ جامعتِه. غفر الله لفضيلة الأستاذ الدُّكتور أحمد عمر هاشم، وتغمده بواسع رحمته، ورزقَ أهله وطلابه ومحبيه الصبر والسلوان.

تم نسخ الرابط