وزارة الموارد المائية تتابع تطورات فيضان نهر النيل لهذا العام

أصدرت وزارة الموارد المائية والري، منذ قليل، بيانًا بشأن فيضان نهر النيل والإدارة الأحادية للسد الإثيوبي المخالفة للقانون الدولي.
متابعة تطورات فيضان نهر النيل
تتابع وزارة الموارد المائية والري تطورات فيضان نهر النيل لهذا العام، وما ارتبط بها من تصرفات أحادية متهورة من جانب إثيوبيا في إدارة سدها غير الشرعي المخالف للقانون الدولي، هذه الممارسات تفتقر إلى أبسط قواعد المسؤولية والشفافية، وتمثل تهديدًا مباشرًا لحياة وأمن شعوب دول المصب، كما تكشف بما لا يدع مجالًا للشك زيف الادعاءات الإثيوبية المتكررة بعدم الإضرار بالغير، وتؤكد أنها لا تعدو كونها استغلالًا سياسيًا للمياه على حساب الأرواح والأمن الإقليمي.
وضع الفيضان عند منابع النيل الثلاثة
تنبع مياه نهر النيل من ثلاثة روافد رئيسية هي: النيل الأبيض، النيل الأزرق، ونهر عطبرة، ويأتي فيضان النيل الأزرق خلال الفترة من يوليو وحتى أكتوبر من كل عام، وتبلغ ذروته عادة في شهر أغسطس. وتشير البيانات إلى أن وضع الفيضان للعام عند مصادره الرئيسية الثلاث لهذا العام أعلى من المتوسط بنحو 25%، إلا أنه أقل من العام الماضي، الذي عد فيضانًا مرتفعًا حتى الآن.
تصرفات إثيوبيا الفنية وتخزين المياه بشكل غير منضبط
من الناحية الفنية، كان من المفترض أن تبدأ إثيوبيا في تخزين المياه بسدها بشكل تدريجي منذ بداية يوليو وحتى نهاية أكتوبر، ثم تقوم بتصريفها بشكل منظم لتوليد الكهرباء على مدار العام، بما يتسق مع ما تدعيه مرارًا بشأن فوائد السد في تنظيم الفيضان وحماية السودان من الغرق وتوفير الكهرباء للشعب الإثيوبي.
إثيوبيا تخالف القواعد وتخزن المياه بشكل عشوائي
غير أنه في نهاية أغسطس لوحظ أن مشغلي السد الإثيوبي خالفوا القواعد الفنية والعلمية المتعارف عليها، حيث قاموا بتخزين كميات أكبر من المتوقع من مياه الفيضان مع تقليل التصريفات من نحو 280 مليون م³ إلى 110 ملايين م³ يوم 8 سبتمبر 2025.
وتدل هذه التصرفات على توجه إثيوبي متعجل نحو إتمام الملء بصورة غير منضبطة، بغرض الوصول إلى منسوب 640 مترًا فوق سطح البحر، ثم فتح المفيض الأوسط ومفيض الطوارئ لساعات معدودة لاستخدامها فقط كـ"لقطة إعلامية" واستعراض سياسي فيما سُمّي باحتفال افتتاح السد يوم 9 سبتمبر 2025، بعيدًا عن أي اعتبار للسلامة المائية أو مصالح دول المصب.
تصريف كميات ضخمة من المياه دون مبرر
وقد تأكدت هذه التقديرات بما حدث فعليًا؛ إذ عمد المشغل الإثيوبي عقب انتهاء ما سمي بالاحتفال يوم 10 سبتمبر إلى تصريف كميات ضخمة من مياه نهر النيل، بلغت 485 مليون م³ في يوم واحد، تلتها زيادات مفاجئة وغير مبررة في التصريفات وصلت إلى 780 مليون م³ يوم 27 سبتمبر، ثم انخفضت إلى 380 مليون م³ يوم 30 سبتمبر.
كما أظهرت التقديرات الخاصة بمناسيب السد الإثيوبي انخفاض المنسوب بما يقارب مترًا واحدًا، وهو ما يعادل تصريف نحو 2 مليار م³ من المياه المخزنة دون مبرر، بخلاف التصرفات الناتجة عن الفيضان نفسه، وهو ما فاقم من كميات المياه المنصرفة وأكد الطبيعة غير المنضبطة والعشوائية لإدارة السد (كما هو موضح بالشكل المرفق).
غرق قرى وأراضٍ زراعية في السودان
وقد أدى التقاء هذه الكميات الكبيرة وغير المتوقعة من المياه في هذا التوقيت من العام، مع تأخر واختلاف مواعيد سقوط الأمطار داخل السودان، إلى جانب ارتفاع إيراد النيل الأبيض عن معدلاته الطبيعية، إلى زيادة مفاجئة في كميات المياه نتج عنها إغراق مساحات من الأراضي الزراعية وغمر العديد من القرى السودانية.
وفي مواجهة هذه الظروف الطارئة، لم يكن أمام مشغلي سد الروصيرص السوداني خيار سوى تخزين جزء بسيط من هذه المياه وتمرير الجزء الأكبر عبر بواباته حفاظًا على أمان السد، نظرًا لمحدودية سعته التخزينية.
وزارة الري: الملء الإثيوبي غير القانوني تسبب في أزمة
وبناءً على ذلك، ترى وزارة الموارد المائية والري أن ما حدث على النيل الأزرق من إسراع في الملء غير القانوني للسد الإثيوبي، ثم تصريف كميات هائلة من المياه مباشرة بعد ما سمي باحتفال افتتاح السد، لم يكن إجراءً اضطراريًا، وإنما يعكس إدارة غير منضبطة وغير مسؤولة لسد بهذا الحجم.
لقد تسببت الإدارة الأحادية وغير المسؤولة للسد الإثيوبي في تغيير مواعيد الفيضان الطبيعي – الذي تحدث ذروته عادة في أغسطس – وإحداث "فيضان صناعي مفتعل" أكثر حدة وقوة في وقت متأخر من العام (جزء من شهر سبتمبر).
كما أن هذا التصرف العبثي وغير المنضبط، والذي لا هدف له سوى “الاستعراض الإعلامي والسياسي”، قد ألحق خسائر فادحة بالسودان الشقيق وفقًا لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، مهددًا حياة ومقدرات شعبي دولتي المصب.
وأكدت مصر مرارًا أن وجود سد يخزن 74 مليار م³ بشكل مخالف للقانون الدولي ودون اتفاق قانوني ملزم يمثل خطرًا دائمًا ومستمراً على دولتي المصب خلال فترات الجفاف والفيضان.
إدارة مصرية دقيقة للموقف المائي
يتم إدارة الموقف المائي بصورة ديناميكية قائمة على الرصد اللحظي في أعالي النيل والتنبؤات الهيدرولوجية باستخدام أحدث النماذج الرياضية.
ومن خلال هذه المتابعة المستمرة يتم تحديد التوقيتات المناسبة للتصرفات المائية، سواء بزيادة المنصرف خلال موسم أقصى الاحتياجات الزراعية (مايو – أغسطس)، أو ضبط كميات المياه في فترة الفيضان (يوليو – أكتوبر)، أو تخفيضها في موسم السدة الشتوية (يناير – فبراير).
وبهذه الإدارة الدقيقة يتحقق التوازن بين الاستفادة المثلى من المياه وتوليد الكهرباء، بما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المائية وحماية أمن الشعب المصري في مواجهة أي تصرفات عشوائية من الجانب الإثيوبي.
إجراءات استباقية لحماية المواطنين من الفيضان
وانطلاقًا من التحسب المسبق لهذه السيناريوهات، اتخذت الوزارة إجراءات استباقية شملت مخاطبة جميع المحافظين في 7 سبتمبر 2025، للتنبيه على المواطنين بضرورة توخي الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية ممتلكاتهم وزراعتهم المقامة على أراضي طرح النهر، رغم كونها تعديات مخالفة للقانون، ويأتي ذلك في إطار حرص الدولة على حماية المواطنين والتقليل من الآثار المحتملة للفيضان.
حقيقة ما تم تداوله عن “غرق المحافظات”
إن الأراضي التي غمرتها المياه مؤخرًا هي بطبيعتها جزء من أراضي طرح النهر التي اعتاد النهر استيعابها عند زيادة التصرفات المائية عبر العقود الماضية.
كما أن ما يتم تداوله عبر بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي تحت مسمى (غرق المحافظات) هو ادعاء باطل ومضلل، إذ يقتصر الأمر على غمر بعض أراضي طرح النهر، وهي بطبيعتها معرضة للغمر عند ارتفاع المناسيب، وليست المحافظات كما يروج خطأً.
وتشير الوزارة إلى أن التعديات على مجرى النهر تؤدي إلى عواقب فنية جسيمة، أهمها تقليص القدرة التصريفية للنهر الذي يمثل مصدر الحياة للمصريين.
وتقوم الوزارة سنويًا بتحذير المواطنين وتنفيذ مناورات وجهود مكلفة للحفاظ على زراعات وأملاك المخالفين، رغم كونها مخالفة للقانون.
السد العالي.. الضمانة الأساسية لحماية مصر
وتؤكد وزارة الموارد المائية والري أن الدولة المصرية بكافة أجهزتها تتابع الموقف على مدار الساعة، وأن السد العالي بما يملكه من إمكانيات تخزينية وتصريفية يمثل الضمانة الأساسية لحماية مصر من تقلبات النيل والفيضانات المفاجئة.
كما تطمئن الوزارة المواطنين إلى أن إدارة موارد مصر المائية تتم بكفاءة عالية وبصورة مدروسة تراعي جميع الاحتمالات، بما يضمن تلبية الاحتياجات المائية وحماية الأرواح والممتلكات.