عاجل

طه عبد الوهاب: محمد الكحلاوي "عسّله الله" بمدح الرسول.. وأغانيه ما زالت حية

الدكتور طه عبد الوهاب
الدكتور طه عبد الوهاب

قال الدكتور طه عبد الوهاب، خبير الأصوات والمقامات، إن ما حدث مع عميد المداحين الفنان الراحل محمد الكحلاوي ينطبق عليه حديث النبي ﷺ: "إذا أحب الله عبدًا عسله"، أي يوجهه لعمل صالح ثم يقبضه عليه، مضيفًا: "الكحلاوي غنّى ومثّل ولحّن، لكن الله ختم مسيرته بأعظم عمل وهو مدح سيدنا النبي ﷺ".

عبقري في فن النغم

وأوضح خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن الكحلاوي لم يكن فنانًا عاديًا، بل عبقريًا في النغم، يعرف كيف يصل إلى قلوب المستمعين، مستشهدًا بأغنية "حب الرسول" التي كتبت كلماتها الشاعرة عليّة الجعار، ولحّنها الكحلاوي بنفسه في أجواء روحانية بالمدينة المنورة، قائلاً: "المعايشة كانت رائعة، فهو لم يستخدم مقامات تقليدية كالـعجم، بل اتجه إلى مقام النهوند المليء بالمشاعر الجياشة، ليعبر عن حب صادق لرسول الله ﷺ".

حسن اختيار المقام والكلمات

وتابع: "يكفي أن نسمع كلماته (حب الرسول يابا توبني – جاني في منامي)، لنشعر بصدق إحساسه، فالسر وراء استمرار هذه الأغاني حتى اليوم ليس فقط حسن اختيار المقام والكلمات، بل الإخلاص والقبول؛ فما خرج من القلب وصل إلى القلب، وما خرج من اللسان لا يتعدى الآذان".

وتوقف خبير الأصوات والمقامات عند أغنية "لأجل النبي" التي اشتهرت بقوة، قائلًا: "الكحلاوي قال جملة (لأجل النبي) عشر مرات متتالية في مطلع الأغنية، وهو أمر لم يحدث في تاريخ الغناء، ورغم ذلك تقبله الناس بشغف. استخدم إيقاع المصمودي الصغير، وهو إيقاع ديني عميق، وأضاف إليه كلمات ابن البادية، فكانت النتيجة عملاً خالدًا".

عبقرية خاصة في التلحين

وأضاف: "الكحلاوي قدّم في اللحن عبقرية خاصة؛ بدأ بالمقام الصبا الذي يعبر عن الدعاء والتضرع، ثم انتقل إلى مقام الشاهيناز أحد فروع الحجاز، وهو مقام يتميز بالقوة. لكنه بذكائه كان يبدأ اللحن من النغمة العالية نزولًا إلى السفلى، فيمنح المستمع إحساسًا بالانسيابية والتذلل، بعكس الصعود الذي يوحي بالقوة".

وأشار عبد الوهاب إلى أن الكحلاوي لم يكن يقدّم مجرد إنشاد، بل دراسات متكاملة في النغم، قائلاً: "لو أردنا أن نحلل أغنية (لأجل النبي) لوجدنا أنها تصلح كموضوع رسالة دكتوراه؛ ففيها تضرع وخشوع في مقاطع، وقوة وثقة بالله في أخرى، مثل (يظلموني – يتهموني) حيث عبّر عن رفض الظلم بقوة، ثم انتقل إلى مخاطبة الله سبحانه وتعالى بإحساس مغاير مفعم باليقين".

 جمع بين الفن والإيمان

وقال: "محمد الكحلاوي نموذج فريد جمع بين الفن والإيمان، وترك تراثًا روحيًا يحتاج إلى دراسة متعمقة. نحن بحاجة فعلًا إلى تخصيص حلقات خاصة لدراسة الإنشاد والمديح النبوي وأثره في وجدان الناس، والكحلاوي يستحق أن يُدرَّس كمدرسة كاملة في الإبداع والروحانية".


https://youtu.be/OxPD5MUdgFc?si=CE16eji484aBSJ_F

تم نسخ الرابط