مساجد تاريخية|مسجد قيسون.. علامة بارزة من معالم القاهرة التاريخية

يعد مسجد قيسون واحدًا من الجوامع التاريخية البارزة في القاهرة بالعصر المملوكي، حيث أنشأه الأمير الكبير سيف الدين قيسون الساقي الناصري سنة 730هـ/1330م خارج باب زويلة، وافتتحه للصلاة السلطان الناصر محمد بن قلاوون؛وما يزال المسجد قائمًا إلى اليوم في شارع محمد علي بالقلعة، شاهدًا على روعة العمارة الإسلامية ومكانة بانيه في الدولة الناصرية.
المنشئ وتاريخه
الأمير قيسون لم يكن من أبناء مصر، بل جاء إليها من بلاد بركد في بخارى بصحبة خوند ابنة السلطان أوزبك، التي تزوجها الناصر محمد بن قلاوون سنة 720هـ/1320م. وقد أعجب السلطان بالفتى قيسون فاشتراه، وقرّبه إليه حتى صار من أبرز رجاله، ونال حظوة كبيرة في القصر السلطاني، لدرجة أن السلطان استدعى أسرته إلى مصر، وتزوج أخته، كما زوّج قيسون من أخته الأخرى عام 1327م.
وفي عهد السلطان كجك بن الناصر تولى قيسون نيابة السلطان بمصر، وهو منصب بالغ الأهمية آنذاك؛غير أن نهايته لم تكن على نفس القدر من المجد، إذ تآمر عليه كبار الأمراء في عهد السلطان أحمد بن الناصر سنة 1342م، حسدًا من مكانته ونفوذه، فألقي القبض عليه وسُجن بالإسكندرية حتى توفي هناك.
الوصف المعماري والتجديدات
لم يبق من مسجد قيسون الأصلي سوى الباب الشمالي، وعدد من الشبابيك الجصية المزخرفة، إضافة إلى كتابات وزخارف تسجل تاريخ تأسيس المسجد واسم منشئه. وعلى الكتف الأيسر للباب وُجدت مزولة شمسية نُقش عليها اسم صانعها أحمد الحريري وتاريخ صنعها سنة 785هـ/1383م، مما يضفي بعدًا علميًّا وفلكيًّا إلى جانب قيمته الدينية.
شهد المسجد تجديدات كبيرة في العصور الحديثة، حيث أعيد بناء الصحن والأروقة سنة 1893م في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، وأصبح الصحن مغطى بقبة خشبية أنيقة. وقد ذكر المؤرخ علي مبارك في "الخطط التوفيقية" أن جزءًا كبيرًا من المسجد أُزيل عند فتح شارع محمد علي، بما في ذلك الساقية والمئذنة. ووضع علي مبارك خطة لتجديد المسجد عندما كان وزيرًا للأوقاف، غير أن التنفيذ لم يتم إلا في سنة 1893م.
علامة بارزة من معالم القاهرة التاريخية
وبذلك يظل مسجد قيسون علامة بارزة من معالم القاهرة التاريخية، يجمع بين الأثر المملوكي الأصيل وتجديدات العصر الحديث، ويختزن في جدرانه حكاية أمير صعد سريعًا إلى قمة المجد ثم طوته المؤامرات في دهاليز السياسة.