هل يجب إخراج الزكاة من المال المدخر لزفاف البنت؟.. الإفتاء تجيب

الزفاف من المناسبات الاجتماعية الهامة التي تتطلب تجهيزات مالية كبيرة، فيدخر الأهل مبالغ مالية خاصة لتغطية نفقاته. ومع حلول موعد الزكاة السنوي، يبرز سؤالٌ مهم: هل يجب إخراج الزكاة من المال المدخر لزفاف البنت؟
هذا التساؤل يعكس حرص المسلمين على أداء فريضة الزكاة بشكل صحيح، وفي الوقت نفسه الحفاظ على حقوق الأبناء واحتياجاتهم الأساسية، حيث تجمع الشريعة الإسلامية بين تحقيق العدل والتيسير في التعامل مع المال.
هل يجب إخراج الزكاة من المال المدخر لزفاف البنت؟
في هذا الموضوع، سنتناول حكم الشرع في الزكاة على المال المخصص للزفاف، مستندين إلى الأدلة الفقهية والآراء الشرعية للعلماء، لنوضح متى تجب الزكاة على المدخرات، ومتى تُعفى بناءً على نية صرفها للحاجات الأصلية.
أكدت دار الإفتاء المصرية أن المال الذي يتم ادخاره من قِبل الوالدين أو غيرهم لتجهيز زفاف البنت أو زواج الأبناء لا تجب فيه الزكاة، ما دام هذا المال مخصصًا لحاجة أصلية ولم يكن فائضًا عن الضرورات المعيشية، موضحة أن الزكاة لا تخرج إلا من المال الذي توافرت فيه شروط الوجوب الشرعي.
شروط وجوب الزكاة
وأوضحت الإفتاء، في بيان فتواها، أن من شروط وجوب الزكاة: بلوغ المال النصاب الشرعي، ومضيّ حولٍ هجريٍ كامل عليه، وألا يكون المال مشغولًا بحاجة ضرورية أو دين حالّ يجب سداده، لأن المال المشغول بتلك الاحتياجات يُعدّ في حكم المال غير النامي أو غير الزائد.
وأضافت: تجهيز البنت للزواج يُعد من الحاجات الأصلية التي لا غنى عنها، وقد راعت الشريعة هذه الحاجات فلم توجب فيها الزكاة، مستشهدة بما قرره فقهاء المذهب الحنفي، ومنهم الإمام ابن ملك، الذي قال إن "ما يُمسك من المال لصرفه إلى حاجة أصلية يُعتبر كالمعدوم بالنسبة لوجوب الزكاة، ولا تجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول".
وتابعت الدار: الحاجة الأصلية هي ما يدفع الهلاك أو الضرر عن الإنسان، سواء كان حقيقيًّا، كالمسكن والطعام والدواء، أو تقديريًّا، كالدَّين الذي يُؤدي إلى الحبس، أو مثل جهوزية البنت للزواج التي تتوقف عليها كرامتها واستقرارها الاجتماعي، وهي في حكم الضروريات في العُرف السائد.

شمولية الحكم
وأكدت أن هذا الحكم لا يقتصر على الأب الذي يدخر لبنته، بل يشمل أيضًا كل من يدخر مالًا للزواج لنفسه أو لأحد أفراد أسرته، طالما أن النية الجادة قائمة للصرف على هذا الغرض، ولم يكن هناك ترف أو إسراف أو تجاوز لمفهوم الحاجة المعقولة.
وفي ختام بيانها، شددت دار الإفتاء على أن الزكاة عبادة عظيمة لها شروط دقيقة، وينبغي على كل مسلم أن يتحرّى في إخراجها وفق ظروفه الواقعية، وألا يُحمِّل نفسه أو غيره ما لم يُوجبه الله، مشيرة إلى أن الحالات الخاصة قد تختلف بحسب النية والاستخدام الفعلي للمال.