حكم الأربعين.. وهل يصل ثواب قراءة شيء من القرآن الكريم إلى الأموات؟

هل يصل ثواب قراءة شيء من القرآن الكريم إلى الأموات؟، سؤال أجابه الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية السابق.
هل يصل ثواب قراءة القرآن للميت؟
وقال عاشور: اختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة، ولكن جمهور الفقهاء على جوازها، وهو المختار للفتوى، قال الإمام الدرديري المالكي رضي الله عنه : الْمُتَأَخِرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَجَعْلِ ثَوَابِهِ لِلْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)، واستدلوا بأدلة كثيرة منها ، أن الدعاء وثواب العمرة والحج يصل للأموات باتفاق الفقهاء، وكذلك ثواب قراءة القرآن حتى لا نفرق بين المتماثلات: إذ كل منها عبادة. وخروجًا من الخلاف، وحتى لا يعترض معترض.
هل يصل ثواب قراءة القرآن للميت؟.. آراء الفقهاء والمذاهب الأربعة
1. المذهب الحنفي:
يرى أن ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت، سواء قرأه القارئ عند القبر أو في أي مكان آخر ثم أهداه له، وهو من الأعمال المشروعة والمستحبة.
2. المذهب المالكي:
بعض فقهاء المالكية لم يُجزوا ذلك إلا بالدعاء بعد القراءة، لكن كثيرًا منهم قالوا إن الثواب يصل إن كانت النية خالصة لله ولإفادة الميت.
3. المذهب الشافعي:
في الأصل، الإمام الشافعي لم يُجز إهداء ثواب قراءة القرآن، لكنه أجاز الدعاء للميت والصدقة عنه، وقد قال بعض فقهاء الشافعية المتأخرين بجواز الإهداء لأن العمل الصالح لا يُحصر فقط في ما يقوم به الشخص لنفسه.
4. المذهب الحنبلي:
يرى الإمام أحمد بن حنبل أن قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت أمر مشروع، بل ويُستحب، واستند في ذلك إلى القياس على الصدقة والدعاء، لأن كلاهما يصلان إلى الميت.
إحياء ذكرى الأربعين للميت
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن إحياء ذكرى الأربعين للميت لا بأس به شرعًا إذا اقتصر على أمور مباحة كقراءة القرآن، والدعاء، وإطعام الطعام بنية إهداء الثواب للمتوفى، فذلك جائز ولا حرج فيه، بل يُرجى منه الخير والأجر بإذن الله.
أما إذا تحوّلت هذه الذكرى إلى صورة أخرى تُشبه ما جرى يوم الوفاة من إقامة سرادقات العزاء، والنعي في الصحف، واستقبال المعزّين على نطاق واسع بحيث يُنتظر من الناس الحضور، ويُلام من غاب دون اعتذار، مع اجتماع النساء في النهار للبكاء والنحيب وتجديد الأحزان، فهذه الصورة غير مستحبة شرعًا، لما فيها من إعادة الآلام، وتحميل أهل الميت أعباء فوق طاقتهم.
وقد نصّ جمهور الفقهاء على أن وقت التعزية محدد بثلاثة أيام فقط بعد الوفاة، وأن استمرارها بعد ذلك مكروه، مستندين إلى ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله:«لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» رواه البخاري عن أم حبيبة رضي الله عنها.
وبناءً على ذلك، فإن اقتصار ذكرى الأربعين على العبادات والدعاء والصدقة جائز، أما مظاهر الحزن المبالغ فيها، أو تحميل أهل الميت مشقة اجتماعية أو مادية، فمما يُكره فعله شرعًا.