ما حكم إزالة الأضرحة لبناء مسجد جديد والصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أن إزالة الأضرحة من المساجد بحجة توسيعها أو دمجها في مسجد واحد أمر غير جائز شرعًا، موضحة أن الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة الأولياء والصالحين صحيحة ومشروعة بإجماع الأمة، ولا يقدح فيها وجود القبور.
ما حكم إزالة الأضرحة لبناء مسجد جديد والصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟
جاء ذلك ردًا على سؤال حول مسجدين متلاصقين بكل منهما ضريح؛ أحدهما لسيدي محمد العدوي، والآخر لسيدي محمد بدر الدين، حيث اعتاد الأهالي الصلاة فيهما بالتناوب منذ خمسينيات القرن الماضي. وأشار السائل إلى أن أحد المتبرعين عرض بناء مسجد كبير مكانهما بشرط إزالة الضريحين ونقل رفاتهما إلى مدافن القرية، مستندًا إلى قول من يحرِّم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة.
وأوضحت دار الإفتاء أن القول بتحريم الصلاة في المساجد ذات الأضرحة باطل ولا أصل له في الشريعة، مؤكدة أن الأدلة من القرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين وأقوال العلماء جميعها تثبت مشروعية الصلاة في تلك المساجد. واستشهدت بقول الله تعالى في قصة أصحاب الكهف: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21]، مشيرة إلى أن المفسرين كالإمام الرازي والشهاب الخفاجي وغيرهما استدلوا بها على جواز اتخاذ المساجد عند قبور الصالحين.
كما نقلت الدار ما رواه عبد الرزاق في "مصنفه" عن بناء الصحابة مسجدًا عند قبر الصحابي أبي بصير رضي الله عنه دون نكير، وكذلك الأحاديث التي تثبت وجود قبور أنبياء داخل بعض المساجد، مثل مسجد الخيف بمكة. وأكدت أن قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجرته المتصلة بالمسجد النبوي الشريف، ودفن بجواره سيدنا أبو بكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو ما جرى عليه إجماع الصحابة دون اعتراض.
وردّت دار الإفتاء على استدلال البعض بحديث: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، موضحة أن المقصود هو السجود لها وتعظيمها كالأوثان، لا مجرد الصلاة بجوارها، بدليل أن الأمة صلّت في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على مر العصور دون إنكار.
وشددت الدار على أن حرمة الأموات كحرمتهم أحياء، وأنه لا يجوز نبش قبورهم أو نقلهم إلا لضرورة معتبرة، وهو ما لا يتوافر في هذه الحالة. وأضافت أن أولياء الله الصالحين لهم مكانة خاصة، والتعرض لهم بالأذى صورة من صور معاداة أولياء الله التي توعد الله مرتكبها بالحرب في الحديث القدسي: «من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب».
وختمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أنه لا يجوز إزالة الضريحين المذكورين بحجة بناء مسجد جديد، بل الواجب ضم المسجدين مع إبقاء الضريحين في مكانهما، وعدم الإقدام على أي عمل يخل بحرمة الموتى أو يثير الفتنة بين الناس.