آخر رموز الفن الكبار.. وفاة كلاوديا كاردينالي عن عمر ناهز 87 عامًا
غيب الموت، مساء أمس الثلاثاء، أسطورة الشاشة الفضية وأيقونة السينما الفرنسية – الإيطالية كلاوديا كاردينالي، عن عمر ناهز 87 عامًا، وذلك في مقر إقامتها بمدينة نيمور الواقعة في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس.
وقد فارقت الحياة وسط أبنائها وأفراد عائلتها، بعد مسيرة فنية امتدت لما يقارب سبعة عقود، لتخسر السينما العالمية برحيلها إحدى أكثر شخصياتها بريقًا وتأثيرًا.
نشأة كلاوديا كاردينالي
وُلدت كاردينالي في تونس العاصمة عام 1937، لأسرة من أصول إيطالية مهاجرة من جزيرة صقلية. نشأت في بيئة متعددة الثقافات جمعت بين الطابع العربي المتوسطي والتقاليد الأوروبية، وهو ما انعكس لاحقًا على شخصيتها الفنية الغنية.
خطت أولى خطواتها نحو الأضواء حين فازت بلقب “أجمل فتاة إيطالية في تونس” عام 1957، ما منحها فرصة للمشاركة في مهرجان البندقية السينمائي، ليكون ذلك بداية انطلاقتها نحو عالم التمثيل.
الصعود إلى النجومية
بدأت مسيرتها الفنية في أواخر خمسينيات القرن الماضي، لكنها سرعان ما برزت في الستينيات، لتصبح إحدى نجمات الحقبة الذهبية للسينما الأوروبية. امتازت بجمال طبيعي لافت وكاريزما قوية، إضافة إلى حضور تمثيلي متمايز منحها مكانة مميزة بين نجمات زمانها.
تعاون مع عمالقة الفن السابع
عملت كلاوديا كاردينالي مع كبار المخرجين العالميين، وهو ما رسّخ مكانتها كنجمة من الطراز الرفيع. من أبرز محطاتها تعاونها مع لوكينو فيسكونتي، حيث شاركت معه في فيلم الفهد (Il Gattopardo) عام 1963، الذي عُدّ من روائع السينما الإيطالية، بجانب فيديريكو فيلليني، حيث جسّدت أحد أهم أدوارها في فيلم ثمانية ونصف (8½)، الذي يُعد من كلاسيكيات الفن السابع، بالإضافة إلي سيرجيو ليوني، حيث لعبت دورًا أيقونيًا في فيلم ذات مرة في الغرب (Once Upon a Time in the West) عام 1968، الذي كرّسها كنجمة عالمية، وأخيرًا ريتشارد بروكس وهنري فيرنوي، حيث قدماها في أدوار أظهرت تنوعها الفني وقدرتها على الانتقال بين السينما الأوروبية والأمريكية.
الإرث الفني والإنساني
لم تكن كلاوديا كاردينالي مجرد ممثلة، بل شكلت رمزًا ثقافيًا يعكس صورة المرأة القوية، الحرة والمستقلة. عُرفت بمواقفها الإنسانية ودفاعها عن حقوق المرأة، إلى جانب مشاركتها في فعاليات دولية تدعم قضايا اجتماعية وثقافية.
على مدار أكثر من ستين عامًا، ظهرت في أكثر من 150 عملًا سينمائيًا وتلفزيونيًا، تاركة خلفها إرثًا فنيًا يُدرّس للأجيال المقبلة من السينمائيين والممثلين.
ردود الفعل على رحيلها
أعلن مدير أعمالها لوران سافري خبر وفاتها في تصريح لوسائل الإعلام الفرنسية، مؤكدًا: “لقد تركت لنا إرث امرأة حرة وملهمة، في مسيرتها كفنانة وكإنسانة على السواء.”
وقد نعَت العديد من الأوساط الفنية والثقافية في أوروبا والعالم رحيلها، معتبرين أن السينما فقدت واحدة من آخر رموزها الكبار الذين شكّلوا هوية الفن السابع خلال القرن العشرين.



