ما مصير إسرائيل دبلوماسيا حال إصرارها على رفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

أكدت الدكتورة أريج جبر، أستاذة العلوم السياسية، أن العالم شهد في نهاية يونيو الماضي تحولًا لافتًا في المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية، تمثل في مؤتمر أممي رعته شراكة فرنسية سعودية سعى للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل والأمم المتحدة من أجل وقف العدوان على غزة وإنهاء الاحتلال في الضفة الغربية.
وأشارت الدكتورة أريج جبر في تصريح خاص لموقع نيوز رووم، إلى أن هذه المبادرة الدولية ساهمت في تسارع موجة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، والتي بلغت حتى الآن نحو 147 دولة، ما يشكّل قرابة ثلاثة أرباع دول العالم.
واضافت جبر: "هذا التحول الدولي أعاد طرح السؤال الجوهري: هل سيغير الاعتراف شيئًا من حقيقة الأمر؟ هل سينهي الاحتلال ويوقف مشاهد الحرب والنزوح والتهجير؟"، لافتة إلى الواقع أن الاحتلال لم يتوقف، بل ازداد تغولًا.
وأكدت أن الكيان المحتل واصل سياساته التوسعية ليس فقط في الأراضي الفلسطينية، بل في الإقليم العربي ككل، ما يشير إلى أن الاعترافات، وإن كانت مهمة سياسيًا، فإنها تظل بلا أدوات تنفيذية.
وأضافت أن هذا الزخم الدولي في الاعتراف بفلسطين أحدث شرخًا في منظومة الدعم السياسي لإسرائيل، وبدأ يعكس توجهًا نحو عزلها دبلوماسيًا، رغم أن هذه العزلة ما تزال في إطارها النظري، مشيرة إلى أن تصريحات المفوضية الأوروبية الأخيرة، التي شددت على أن الهدف ليس معاقبة إسرائيل وإنما استعادة الأمن، تدل على أن الاعترافات لا تستهدف الكيان بشكل مباشر، بل تسعى إلى وقف نزيف الدم الفلسطيني.
الاعتراف البريطاني بفلسطين.. هل لمنافسة نفوذ الولايات المتحدة ؟
وتطرقت جبر إلى اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية، معتبرة أنه لا يمكن قراءته خارج السياق التاريخي، وقالت: "بريطانيا شريكة في مأساة الشعب الفلسطيني منذ وعد بلفور، لكنها اليوم تسعى لخلق توجه سياسي جديد ينافس الولايات المتحدة ويعيد لأوروبا دورها الدولي"، مؤكدة أن هذه الخطوة تتجاوز البعد الأخلاقي، وتمثل محاولة أوروبية لكسر الهيمنة الأميركية على القرار الدولي.
وتابعت: "هذه الاعترافات ستعمق بلا شك عزلة إسرائيل السياسية والدبلوماسية، فغالبية دول العالم باتت ترى في الشعب الفلسطيني دولة تستحق الشرعية، ورغم أن الاعترافات لا توقف الاستيطان، فإنها تزعزع السردية الإسرائيلية التي تقوم على الخطر الوجودي والحق التاريخي".

استمرار إسرائيل في قمع فرص قيام الدولة الفلسطينية
وفي تقييمها لمصير إسرائيل في ظل هذا التحول، قالت الدكتورة أريج جبر إن مصير إسرائيل يتجه نحو عزلة سياسية متنامية، لكنها لن تكتمل ما دامت واشنطن توفر الغطاء الاستراتيجي والدعم العسكري والسياسي"، مضيفة أن فلسطين كسبت خطوة مهمة تعزز من حضورها الدولي، لكنها غير كافية لإيقاف الاحتلال دون أدوات ضغط فعالة.
وشددت الدكتورة أريج جبر على أن استمرار إسرائيل في سياسات التهجير والقتل في غزة سيمنح الدول حافزًا أكبر للمطالبة بفرض عقوبات دولية، وربما اللجوء إلى الفصل السابع أو تفعيل آليات "الاتحاد من أجل السلام"، أو حتى ملاحقة مجرمي الحرب، مشيرة إلى أدوات أخرى لتضييق الخناق على إسرائيل مثل تجميد الأصول، حظر تصدير السلاح، والملاحقات القضائية الشخصية.

وشددت على أن كل اعتراف بدولة فلسطينية يقابله تراجع ضمني في شرعية إسرائيل كدولة محتلة"، مشيرة إلى أن تأخر هذه الاعترافات كان نتيجة لمعايير مزدوجة غربية ساهمت في إطالة أمد الاحتلال.
وأضافت: "استمرار إسرائيل في تعطيل إقامة دولة فلسطينية سيُقرأ على أنه مقاومة للإجماع الدولي، ما يعزز صورتها الاستعمارية ويكرّسها كسبب للإضرار بالسلم والأمن الدوليين".
وأضافت الدكتورة أريج جبر في حديثها أن الانعكاسات لن تكون خارجية فقط، بل ستمتد إلى الداخل الإسرائيلي، حيث من المرجح حدوث انقسام سياسي بين تيارات تدعو للتسوية وأخرى متشددة، الأمر الذي قد يؤدي إلى أزمة داخلية تعمّق من تراجع إسرائيل دوليًا.
وختمت الدكتورة أريج جبر: "إذا استمرت إسرائيل في مقاومة الاعترافات الدولية بدولة فلسطينية، فإنها تتجه نحو عزلة استراتيجية شبيهة بما عاشته أنظمة الفصل العنصري السابقة. تفوقها العسكري لن يغير المعادلة إذا استمر الصمود الفلسطيني والثبات الوطني ومواصلة المجتمع الدولي إعادة تشكيل موازين الشرعية الدولية".