سرطان الثدي.. أسبابه وتشخيصه وعلاجه ونصائح للتعايش معه

يعد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء في العالم، ويصيب أعدادًا متزايدة من السيدات سنويًا، ورغم أن هذا المرض قد يبدو مرعبًا، إلا أن التقدم في التشخيص والعلاج قد أحدث تغييرًا كبيرًا في معدلات النجاة، وأصبح لدى العديد من المرضى أمل في الشفاء التام والعودة إلى حياتهم الطبيعية.
يتناول هذا التقرير سرطان الثدي، من حيث أسبابه، كيفية تشخيصه، طرق العلاج المتاحة، بالإضافة إلى نصائح للتعايش مع المرض.
ما هو سرطان الثدي؟
سرطان الثدي هو نوع من السرطان يحدث عندما تنمو خلايا غير طبيعية في الثدي بشكل غير منضبط، يمكن أن يصيب سرطان الثدي الأنسجة الدهنية أو الغدد اللبنية في الثدي، ويتسبب في تكوين أورام قد تكون حميدة أو خبيثة، عندما تكون الأورام خبيثة، فإنها قد تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم عبر الدم أو الجهاز اللمفاوي، مما يجعل العلاج أكثر تعقيدًا.

أسباب سرطان الثدي
رغم أن سبب سرطان الثدي لا يزال غير واضح تمامًا، إلا أن هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالمرض، وهذه العوامل تشمل:
أ. العوامل الوراثية
تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في الإصابة بسرطان الثدي، إذا كان أحد الأقارب من الدرجة الأولى (مثل الأم أو الأخت) قد أصيب بسرطان الثدي، فإن خطر الإصابة يزداد، كما أن وجود تغييرات جينية معينة مثل جينات BRCA1 وBRCA2 يمكن أن يزيد بشكل كبير من احتمال الإصابة بسرطان الثدي، تعني هذه الطفرات الجينية أن الشخص قد يكون أكثر عرضة لتطور المرض في وقت مبكر.
ب. العمر والجنس
يعتبر العمر من العوامل المؤثرة في الإصابة بسرطان الثدي، وكلما تقدم الشخص في العمر، زاد احتمال الإصابة بالسرطان، هذا المرض أكثر شيوعًا لدى النساء، ولكن يمكن أن يصيب الرجال أيضًا، وإن كانت نسبة حدوثه في الرجال أقل بكثير.
ج. التاريخ الصحي
النساء اللواتي يعانين من مشاكل صحية معينة مثل زيادة الوزن أو الإصابة بمرض السكري، أو اللواتي تعرضن للعلاج الإشعاعي في منطقة الصدر في وقت سابق، يكنّ أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.
د. العوامل البيئية والتغذية
التعرض للمواد الكيميائية السامة أو العوامل البيئية قد يكون له تأثير على زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان، كما أن التغذية السيئة، مثل النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة، قد يساهم في تطور المرض، التمارين الرياضية المنتظمة، من ناحية أخرى، تساعد في تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي.
هـ. الهرمونات
استخدام بعض أنواع الهرمونات مثل العلاج الهرموني بعد سن اليأس قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، كما أن بداية الدورة الشهرية في سن مبكرة، أو تأخر انقطاع الطمث قد يكون له تأثير أيضًا.
تشخيص سرطان الثدي
يعد التشخيص المبكر للسرطان أمرًا بالغ الأهمية لضمان العلاج الفعّال والوقاية من تطور المرض إلى مراحل متقدمة، تشمل وسائل التشخيص الرئيسية:

أ. الفحص الذاتي للثدي
يعتبر الفحص الذاتي للثدي من الوسائل البسيطة التي يمكن للنساء من خلالها اكتشاف أي تغييرات غير طبيعية في ثديهن مثل ظهور كتل، تغيرات في الشكل أو اللون، أو إفرازات غير طبيعية من الحلمات، يُنصح بأن تقوم النساء بإجراء هذا الفحص بانتظام، خاصة بعد بلوغهن سن الأربعين.
ب. الماموجرام (التصوير الشعاعي للثدي)
يعد الماموجرام من أهم الفحوصات للكشف المبكر عن سرطان الثدي، يتم إجراء هذه الفحص بواسطة الأشعة السينية للكشف عن الكتل أو التغيرات في أنسجة الثدي حتى في مراحل مبكرة جدًا.
ج. الألتراساوند (الموجات فوق الصوتية)
إذا كان الماموجرام يشير إلى وجود مشكلة، قد يوصي الطبيب بإجراء اختبار الموجات فوق الصوتية، هذا الفحص يساعد في تحديد ما إذا كانت الكتلة صلبة أو مليئة بالسوائل (خراجات).
د. الخزعة (البيوپسي)
في حال وجود كتل مشبوهة، قد يحتاج الطبيب إلى أخذ عينة من الأنسجة من الثدي لفحصها تحت المجهر، تساعد الخزعة في تحديد ما إذا كانت الخلايا سرطانية أم لا.
علاج سرطان الثدي
تعتمد خيارات العلاج على نوع السرطان، مرحلته، وحالة المريض الصحية بشكل عام، تشمل طرق العلاج الشائعة:
أ. الجراحة
في كثير من الحالات، يعتبر العلاج الجراحي هو الخطوة الأولى في علاج سرطان الثدي. قد يتطلب الأمر إزالة الورم أو استئصال الثدي بالكامل في بعض الحالات المتقدمة، يمكن إجراء جراحة إزالة الثدي (الاستئصال الجزئي أو الكلي) في حالات محددة، اعتمادًا على حجم وموقع السرطان.
ب. العلاج الكيميائي
يستخدم العلاج الكيميائي في علاج سرطان الثدي عن طريق استخدام الأدوية لقتل الخلايا السرطانية أو منع نموها، يتم إعطاء هذه الأدوية عبر الوريد أو الفم، وقد يتطلب العلاج الكيميائي عدة جلسات على مدار أشهر.
ج. العلاج الإشعاعي
يستخدم العلاج الإشعاعي أشعة عالية الطاقة لتدمير الخلايا السرطانية، قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي بعد الجراحة للتأكد من إزالة أي خلايا سرطانية متبقية أو لعلاج الأورام التي لم يتمكن الجراحون من إزالتها بالكامل.
د. العلاج الهرموني
يُستخدم العلاج الهرموني في بعض أنواع سرطان الثدي التي تعتمد على الهرمونات (مثل هرمون الاستروجين) للنمو، هذا العلاج يعمل على تقليل أو منع تأثيرات هذه الهرمونات على الخلايا السرطانية.
هـ. العلاج المناعي والعلاج المستهدف
يستهدف العلاج المناعي والعلاج المستهدف الخلايا السرطانية مباشرة باستخدام الأدوية التي تساعد جهاز المناعة في التعرف على الخلايا السرطانية وقتلها.

نصائح للتعايش مع سرطان الثدي
التعايش مع سرطان الثدي يتطلب دعمًا نفسيًا وجسديًا مستمرًا. فيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعد المرضى على التعايش مع المرض:
أ. الدعم النفسي والعاطفي
من الضروري أن يكون لديك شبكة دعم قوية تشمل العائلة والأصدقاء. لا تتردد في التحدث عن مشاعرك مع الأشخاص الذين تثق بهم، يمكن أن تساعد مجموعات الدعم أيضًا في منحك الأمل وتقوية عزيمتك.
ب. الاهتمام بالصحة الجسدية
من المهم الحفاظ على نظام غذائي صحي ومتوازن غني بالفواكه والخضروات، وممارسة الرياضة بشكل منتظم (بعد موافقة الطبيب)، هذه العوامل تساهم في تحسين الصحة العامة وتقليل الإجهاد.
ج. الاستماع إلى جسمك
قد تشعر بالإرهاق والتعب بسبب العلاجات، ولكن من الضروري أن تكون مستمعًا لجسمك، احرص على الراحة والنوم الجيد وتجنب أي ضغوط إضافية.
د. التعامل مع العلاجات الجانبية
من الممكن أن تكون العلاجات مثل الكيمياء أو الإشعاع مصحوبة بآثار جانبية مثل تساقط الشعر، الغثيان، أو التعب، تحدث مع طبيبك حول كيفية إدارة هذه الأعراض والعثور على أفضل الحلول للتقليل من تأثيرها.
سرطان الثدي هو مرض يمكن تشخيصه وعلاجه بشكل فعال إذا تم اكتشافه مبكرًا، فـ إن التقدم في علاج المرض قد أحدث تغييرًا كبيرًا في قدرة المرضى على الشفاء، من خلال فهم أسبابه وطرق تشخيصه والعلاج المتاحة، يمكن للأفراد اتخاذ خطوات مهمة للوقاية من المرض، بل والتعامل معه بشكل إيجابي في حالة الإصابة، إن الدعم النفسي والجسدي من العائلة والأصدقاء والعناية الذاتية تظل عوامل أساسية تساعد على التعايش مع هذا المرض والعيش حياة مليئة بالأمل والتفاؤل.