أثناء العمل الطبي.. ما حكم لمس المرضى وهل ينقض الوضوء؟

في ظل الممارسات الطبية اليومية، يضطر الممرض والممرضة، وأحيانًا الطبيب، إلى لمس المرضى أثناء إجراء الفحوصات أو إعطاء الحقن، سواء كان ذلك لغرض العلاج أو التشخيص. ؟
حكم الوضوء والملامسة في القرآن الكريم
يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: 43]
وقد بين المفسرون أن قوله تعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ يشمل عدة معانٍ:
1. اللمس بمعنى الجماع.
2. اللمس بمعنى المباشرة بلا شهوة محددة.
3. اللمس المصحوب باللذة والشهوة.
التفسير الفقهي للملامسة
• المعنى الأول (الجماع): الإمام أبو حنيفة رأى أن اللمس هنا يختص بما هو الجماع، واستند لذلك إلى حديث الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها: “أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبَّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة فلم يتوضأ”. وهذا يؤكد أن مجرد الملامسة بدون قصد الجماع لا تنتقض الوضوء.
• المعنى الثاني (المباشرة): الإمام الشافعي قال: إذا وصل جزء من بدن الرجل إلى بدن المرأة، سواء باليد أو بأعضاء أخرى، تعلق الطهر بذلك، ويكون ذلك عامًّا في الوضوء، سواء كان بقصد شهوة أم لا. دلّ على ذلك ظاهر الآية ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ﴾، إذ لم يُقيد باللذة أو الشهوة.
• المعنى الثالث (اللذة والشهوة): الإمام مالك والإمام أحمد رأيا أن لمس المرأة مع التلذذ والشهوة ينقض الوضوء، أما اللمس بلا قصد اللذة فلا ينقضه. ويستند هذا إلى حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين كان ينام بين يديها دون أن ينتقض وضوؤه، فهذا دليل أن اللمس العادي لا يبطل الوضوء.
حكم لمس الزوجة والأجنبية
من خلال ما سبق، يُستفاد أن:
• لمس الزوجة بقصد اللذة والشهوة ينقض الوضوء.
• لمس الزوجة بلا شهوة لا يفسد الوضوء عند جمهور الفقهاء، ولا سيما مالك وأحمد.
• لمس أجنبية أو أي امرأة بقصد التلذذ والشهوة ينقض الوضوء.
تطبيق الواقعة العملية على العاملين في المجال الطبي
في حالة الممرضة أو الممرض الذين يعطون المريض حقنة في العضل أو كشف الطبيب على المرأة أو الرجل:
• إذا كان اللمس بقصد الشهوة أو التلذذ: ينقض الوضوء ويجب إعادة الطهارة.
• إذا كان اللمس لمجرد أداء الواجب الطبي أو العلاج دون أي قصد للشهوة: لا شيء عليه، ويُصَلِّي على وضوءه السابق، وهذا هو رأي الإمام مالك والإمام أحمد، وهو المعتمد للفتوى