عالم أزهري : رمضان فرصة لإعادة اكتشاف نعم الله |فيديو

أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن شهر رمضان يعد فرصة استثنائية لإعادة اكتشاف نعم الله علينا، حيث يعمل الصيام على تعزيز وعي الإنسان وإدراكه للأشياء التي قد يعتادها حتى يفقد الشعور بقيمتها.

وأوضح المهدي، خلال استضافته في برنامج "راحة نفسية" المذاع على قناة "الناس"، أن الإنسان يميل إلى التعامل مع نعم مثل البصر، السمع، المشي، وتناول الطعام كأمور مسلّم بها في حياته اليومية، دون إدراك حقيقي لقيمتها إلا عند الحرمان منها أو فقدانها.

الصيام وتنشيط الوعي

وقال المهدي: "نحن لا نشعر بأهمية الماء إلا حينما نحرم منه أثناء الصيام، ولا ندرك قيمة الطعام إلا عندما نجوع لساعات طويلة"، مشيرًا إلى أن هذه التجربة المؤقتة من الحرمان خلال الصيام تهدف إلى تعزيز الامتنان للنعم التي وهبها الله للإنسان.

وأشار المهدي إلى أن شهر رمضان ليس مجرد تجربة للشعور بمعاناة الفقراء والمحتاجين فحسب، بل هو تدريب للنفس على التقوى والالتزام، كما جاء في قوله تعالى: "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (سورة البقرة: 183).

وأوضح أن التقوى تعني ضبط النفس، والامتناع عن الشهوات والملذات بإرادة قوية، وهو ما يعزز من قدرة الإنسان على مقاومة مغريات الحياة بشكل عام، موضحًا أن الصيام يُعيد تشكيل علاقة الإنسان بروحه وبالله، ويجعله أكثر وعيًا بحاجاته الحقيقية بعيدًا عن التعلق الزائد بالمظاهر المادية.

إحياء العلاقات الاجتماعية

وتحدث أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أيضًا عن دور الشهر الكريم في إعادة إحياء العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة، مشيرًا إلى أن رمضان يعيد لمّ شمل العائلات التي تفرقها مشاغل الحياة اليومية. 

وقال: "خلال الشهر الكريم، يعود أفراد الأسرة للالتقاء يوميًا حول مائدة الإفطار، وهو تقليد يحمل أبعادًا نفسية واجتماعية عميقة، حيث تعزز هذه اللحظات من الترابط العائلي والتواصل بين الأفراد".

وأكد المهدي أن هذه الاجتماعات اليومية تسهم في تقوية الروابط العائلية، وتشجع على حل الخلافات ونشر روح التسامح بين أفراد الأسرة، مما يزيد الشعور بالسكينة والراحة النفسية.

شكر النعم ودوره

وأشار أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إلى أن شهر رمضان يذكّر الإنسان بأهمية شكر الله على النعم التي يملكها، مؤكدًا أن الشكر ليس مجرد كلمات، بل هو سلوك يومي يعكس الامتنان لله. واستشهد بقوله تعالى: "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ" (سورة إبراهيم: 7)، موضحًا أن الشكر على النعم يضمن استمرارها وزيادتها.

وأضاف أن الإنسان في رمضان يفرح بتلك النعم التي كان يتعامل معها كأمر بديهي، مثل تناول الطعام بعد ساعات طويلة من الصيام، مما يعزز إحساسه بقيمة الأشياء البسيطة في حياته اليومية.

رمضان فرصة للتغيير

واختتم المهدي حديثه بالتأكيد على أن شهر رمضان يمثل فرصة للتغيير والتجديد الروحي، حيث يساعد الصيام الإنسان على التخفف من أعباء الحياة المادية، والانطلاق نحو حياة أكثر وعيًا وتوازنًا.

ودعا إلى استغلال الشهر الكريم في تعزيز القيم الإيجابية، مثل الصبر، الشكر، والتسامح، التي تجعل الإنسان أكثر تقربًا إلى الله وأقرب إلى تحقيق السلام الداخلي.