أحيا الختام مهدي التهامي.. القليوبية تحتفي بمولد العارف بالله محمد عبدالرحمن

شهدت قرية المنايل التابعة لمركز الخانكة بمحافظة القليوبية، أجواءً روحانية مهيبة خلال الاحتفال بالليلة الختامية لمولد العارف بالله الشيخ محمد عبد الرحمن، وسط حضور الآلاف من أبناء الطرق الصوفية ومحبي آل البيت.
الليلة الختامية لمولد العارف بالله الشيخ محمد عبد الرحمن
بدأت الفعاليات بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، أعقبتها ابتهالات دينية أضفت سكينة خاصة على ساحة المولد، فيما كان مسك الختام مع وصلة إنشاد ديني متميزة قدمها الشيخ مهدي ياسين التهامي، نجل عميد الإنشاد الديني الشيخ ياسين التهامي.
حضر الاحتفال كلٌّ من السيد علاء شمس الدين، وكيل عام الطريقة الأحمدية المرازقة، والسيد أحمد سمير شمس الدين، المدير الإداري للمشيخة الأحمدية المرازقة، إلى جانب أعداد غفيرة من أتباع الطرق الصوفية من مختلف المحافظات.

يُذكر أن الشيخ محمد عبد الرحمن، الذي وُلد واشتهر في القليوبية، عُرف بصفاء روحه واستجابة دعائه، فكان مقصداً للناس من شتى أنحاء مصر، إلى أن انتقل إلى رحمة الله في يناير عام 2013. ومنذ ذلك التاريخ يقام له مولد سنوي، ويشرف على ساحته أبناؤه الشيخ عبد الرحمن والشيخ سعيد، تخليداً لذكراه العطرة وسيرته التي ما زالت حية في قلوب مريديه.
المولد النبوي الشريف وتجلياته في التراث الشعبي المصري
فيما دارت ندوة أتيلية القاهرة بحضور الباحث مصطفى زايد حول المولد النبوي الشريف وتجلياته في التراث الشعبي المصري هو في حقيقته نافذة على مساحات واسعة من التفاعل بين الدين والروح والفن والمجتمع.
وقال: لقد كان للتصوف في مصر دور محوري في صياغة صورة المولد، ليس باعتباره احتفالًا شعبياً فحسب، بل باعتباره لحظة انفتاح على المعنى الروحي الأعمق، حيث تتلاقى الأشواق والمحبة مع الفنون والآداب. فالتصوف، بعمقه الوجداني وطاقته الرمزية، كان دائمًا معينًا ثريًا ألهم الشعراء والمتصوفة والكتّاب والفنانين الشعبيين، لكنه – للأسف – لم يُستثمر بالقدر الكافي في الفنون الحديثة، وهو ما جعل اللوم واجبًا على جيل من الشعراء والكتّاب وسائر المبدعين الذين تركوا هذه الكنوز الصوفية على هامش أعمالهم، بدل أن يجعلوها في صميم إبداعهم.
كما ناقش أثر التصوف في تشكيل الوجدان المصري، وكيف ظل حاضرًا حتى في لحظات التحول الكبرى مثل ثورة 25 يناير، حيث انجذب كثير من الشباب إلى عالم التصوف، باحثين فيه عن السكينة والمعنى في زمن امتلأ بالاضطراب والقلق. بدا التصوف بالنسبة إليهم ليس مجرد طقس أو تراث، بل تجربة روحية حية تجيب عن أسئلة الوجود وتعيد للإنسان توازنه الداخلي.
ولم يكن هذا الانجذاب قاصرًا على الشباب المصري، بل تجاوزه إلى الأوروبيين الذين تهافتوا على دراسة التصوف المصري تحديدًا، مدركين خصوصيته التي تمزج بين العمق الروحي والحس الشعبي. إنهم يجدون فيه صورة نادرة لروحانية أصيلة، تتجلى في الاحتفالات الشعبية بالمولد، وفي القصائد والمدائح، وفي الممارسات اليومية التي تجعل التصوف جزءًا من نسيج الحياة لا مجرد تراثٍ متحفي.
الندوة لم تكن مجرد حديث عن الماضي، بل كانت دعوة إلى الحاضر والمستقبل، لإعادة الاعتبار إلى التصوف كأفق إبداعي وروحي قادر على إغناء الفنون، وعلى استيعاب تطلعات الأجيال، بل وجذب العالم كله إلى ما تحمله مصر من نورٍ باقٍ في وجدانها الصوفي العميق.