الشماع عن وجود مدينة تحت الأهرامات: موجة تضليل إعلامي لا تمت للعلم بصلة

قال بسام الشماع المرشد السياحي والمؤرخ والمحاضر الدولي المعروف، أن الإعلان عن وجود مدينة كاملة تحت الأهرامات هو خرافة لا يمكن أن يصدقها عقل.
وقال الشماع في تصريحات خاصة إلى نيوز رووم، هناك عدة تساؤلات يجب أن نطرحها على أصحاب الادعاءات ومنها هي كيف صوروا كل هذا ولم يحدث أي أبحاث من داخل الهرم أو مسح تحت أرضي لمسافة 2 كيلومتر؟ وكيف حلقوا بطائرات درون فوق الأهرامات بدون تصريحات أمنية؟؟.
وتساءل الشماع قائلًا لماذا لم تنهر الأهرامات طالما هي فوق فراغ ضخم وعميق، وأين صور المياه الجوفية والتحت أرضية وهي بحيرة كبيرة؟ .. ولماذا لم يتم التعاون كما يحدث في مثل نوعية هذه الأبحاث الضخمة مع وزارة الآثار؟ .. لماذا لم يتم إنتاج فيلم وثائقي عن الكشف؟ .. أين صور تصريحات الحكومة المصرية؟ .. ومن كان مصاحباً لهذه البعثة إذا كانت قد جاءت؟ .. وأين صور فريق العمل وهو يهرب مع الأهرامات؟
وقال الشماع لو أن كلام هؤلاء الباحثين صحيحا فأين الصور الأصلية بدلا من صور الحراريات فقط؟ وما هي فائدة هذه الأبيار ذات الحلزونيات أصلا؟ ولماذا لم يشرح العلماء الأجانب وظائفها؟ ولماذا لم يصف أحد على مدار آلاف السنين هذا المشروع الضخم؟
ومن ناحيته قال الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، والمدير السابق لمنطقة آثار أهرامات الجيزة:
إنه لا مدينة تحت الأهرامات... بين العلم وخداع العناوين، حيث قال " في الأيام الماضية، ضجّت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بخبر يدّعي اكتشاف "مدينة هائلة تحت أهرامات الجيزة"، استنادًا إلى تصريحات لفريق بحثي أجنبي من إيطاليا واسكتلندا. وقدّموا ذلك على أنه كشف علمي مذهلاً باستخدام تقنيات حديثة تجمع بين بيانات الأقمار الصناعية والقياسات الزلزالية الدقيقة ، لكن الحقيقة العلمية تختلف تمامًا عن هذه الضجة.
أولًا: أين هو الدليل العلمي؟
أي كشف أثري حقيقي يُعلن عنه من خلال نشر بحث علمي في دوريات محكمة تخضع لمراجعة من علماء مستقلين. وحتى الآن، لا يوجد أي ورق علمي منشور أو إعلان رسمي من وزارة السياحة والآثار المصرية أو المجلس الأعلى للآثار يؤكد صحة هذه الادعاءات.
ثانيًا: حدود التكنولوجيا لا تسمح بذلك
تقنيات المسح الجيوفيزيائي مثل الرادار المخترق للأرض تستطيع كشف فراغات أو تراكيب على أعماق محدودة لا تتجاوز عشرات الأمتار. أما الادعاء بوجود "هياكل عملاقة" على عمق 600 متر هو أمر خارج حدود العلم والمنطق.
ثالثًا: الأسطورة لا تُصبح علمًا
مصطلح "قاعات آمينتي" لم يرد في أي نص فرعوني ولا في أي بردية مصرية قديمة. هذه مجرد خرافات وأوهام من الأساطير الهيرمسية التي لا تستند إلى أي دليل أثري.
رابعًا: خلط بين الأجسام الفضائية والآثار!
المقلق أن من يقف خلف هذه المزاعم أشخاص معروفون بعلاقتهم بعالم الأجسام الطائرة والكائنات الفضائية، مما يحوّل الأمر من بحث علمي إلى ترويج لنظريات مؤامرة لا تخدم الحقيقة ولا الحضارة المصرية.
خامسًا: ما يقوله العلم الحقيقي
نحن نعلم بوجود بعض الممرات والفراغات بالقرب من الأهرامات، مثل بئر أوزيريس في الطريق الصاعد في المجموعة الهرمية للملك خفرع، وأظهرت تقنيات المسح الحديث وجود فراغات صغيرة داخل الهرم الأكبر. لكنها جميعًا معروفة، مدروسة، وفي نطاق معقول. لا توجد مدينة ولا أنفاق عميقة بهذه الصورة الخيالية.
ما الغرض من هذه المزاعم؟
وراء هذه الادعاءات أهداف واضحة:
• الركوب على الموجة الإعلامية للحصول على شهرة سريعة واهتمام جماهيري، حتى وإن كان على حساب الحقيقة.
• تحقيق مكاسب مالية من خلال بيع الكتب، واستغلال المنصات الرقمية، وإنتاج الأفلام الوثائقية المزيفة.
• ترويج نظريات المؤامرة التي تجد جمهورًا سريع التصديق، خاصة بين من يعشقون الخيال أكثر من العلم.
• الضغط على المؤسسات العلمية والبحثية لإدخال الخرافة في النقاش الأكاديمي، وخلق جدل لا طائل منه.
• إضعاف صورة العلم الحقيقي أمام الجمهور، وتحويل الأبحاث الجادة إلى مادة للتشكيك والتهريج.
والخلاصة أننا أمام موجة من التضليل الإعلامي الذي لا يمتّ للعلم بصلة. حضارتنا المصرية القديمة ليست بحاجة إلى مثل هذه الأكاذيب كي تبقى عظيمة. نحن بحاجة إلى العلم الصادق، والمنهج الدقيق، والاكتشافات الحقيقية التي تتحدث عنها مراجع علمية محترمة.