«بنشيل الناس في عينينا»..عمرو أديب: محدش في مصر بيبات من غير عشاء

قال الإعلامي عمرو أديب، خلال حلقة برنامجه «الحكاية» على شاشة «mbc مصر»، إن واقع المعيشة في الولايات المتحدة تغير جذريًا مقارنة بما كان عليه قبل خمس سنوات.
وأوضح أديب بأن أمريكا التي عرفها الجمهور سابقًا ليست هي نفسها الآن من ناحية القدرة الشرائية وسعر الخدمات والسلع. وكرر عبارته الحادة: «مستوى المعيشة في أمريكا بقى زي الزفت»، في تلخيص موجز لوضع وصفه بـ«الغلاء الفاحش» الذي أصاب معظم بنود الإنفاق اليومي.
انتقل أديب إلى أمثلة ملموسة ليوضح الفارق: الوجبة في المطعم التي كان يمكن أن تُؤمّن بعشرة دولارات قبل سنوات أصبحت اليوم لا تقل عن ثلاثين دولارًا، وفق ملاحظته.
وأضاف أن الأسعار ارتفعت ليس في المطاعم فقط، بل شملت المواصلات والاتصالات وأعباء الحياة اليومية الأخرى، ما أثر في نمط الاستهلاك والدخل المتاح للأسر.
وركّز الإعلامي في حديثه على أن التغير ليس مرتبطًا فقط بارتفاع الأسعار، بل بتراجع القدرة الشرائية والنوعيّة في مستوى الخدمات، مما يجعل صورة «أمريكا» المثالية لدى البعض أقل ارتباطًا بالرفاهية وأكثر تماسًا مع ضغوط الحياة اليومية وانتهى قسم الحديث الأول بتأكيده على أن هذه الملاحظات مرصودة من واقع ميداني وليس مجرد انطباع إعلامي سطحى، في محاولة لتقريب الصورة للمشاهد العربي.
من مقصف إلى مشرد: السرد الاجتماعي
لم يكتفِ أديب بسرد أرقام أو أمثلة عن تكلفة المعيشة، بل توسّع إلى أبعاد إنسانية واجتماعية، مشيرًا إلى ازدياد أعداد المشردين في الشوارع الأمريكية.
وقال: «الأكل مش بيترمي في الشارع، الناس هي اللي بتترمي في الشارع»، جملة صادمة استعملها لإظهار همّ الفقراء والمهمّشين داخل مجتمع يُصور أحيانًا على أنه مجتمع رخاء دائم.
وروى أديب ملاحظات عن مشاهد يومية رآها أو سمع عنها من سفراته، حيث صار المشردون أكثر ظهورًا أمام أعين المواطنين والمسافرين، ما يعيد طرح أسئلة عن شبكات الضمان الاجتماعي، دور الجمعيات الخيرية، وسياسات التوزيع والحقائب الاجتماعية في دولٍ متقدمة تقنيًا واقتصاديًا.
ولفت إلى أن هذا الواقع يفرض على المراقب العربي إعادة تقييم نمط المقارنة التقليدية بين «هنا» و«هناك».
في ختام هذا الجزء، دعا أديب الجمهور إلى عدم التسرع في إطلاق حكم شامل على ظروف بلادنا مقابل وضع المجتمعات الأخرى، مشيرًا إلى أن كل مجتمع له أزماته وظروفه الخاصة، وأن المقارنة يجب أن تُبنى على معطيات واقعية وليس صورًا نمطية أو إشاعات متداولة.
مصر في وجهة نظره: مبادرات وتضامن
وخلال المقارنة، أعطى أديب مساحة للدفاع عن صورة مصر الاجتماعية، مقترحًا أن المجتمعات العربية لا تخلو من مشكلات لكنها تظهر في كثير من الأحيان تلاحمًا مجتمعيًا واستجابة أسرية للجوع والاحتياج.
قال حرفيًا: «قول على مصر اللي انت عايزها، لكن محدش بيبات في مصر من غير عشا»، في إشارة إلى أن ثقافة التضامن الاجتماعي والأسرة ما زالت تحمي شرائح واسعة من المواطنين من التشرّد المدقع.
وأضاف أن تلك الصورة ليست نتيجة إنكار للمشاكل الاقتصادية في الداخل، بل محاولة لتسليط الضوء على شبكات الدعم غير الرسمية والدور المجتمعي الذي تقوم به مؤسسات أهلية وأسر ومجتمعات محلية.
وأكد أن الحديث عن تفشّي الفقر يجب أن يقترن بتحليل لآليات المواساة والتدخل الإنساني التي تقلل من مفاعيل الأزمات الاجتماعية.
واختتم هذا المقطع بالتأكيد على أن مقارنة أحوال البلدان يجب أن تُحترم فيها التعقيدات التاريخية والسياساتية لكل مجتمع، وأن النقاش الهادئ المبني على حقائق يساعد في وضع سياسات أفضل بدلًا من الاستسلام للأحكام المجتزأة.
الجزء الرابع خاتمة وتداعيات فكرية
قدّم أديب في ختام مداخلته دعوة ضمنية للفهم العميق والتحليل الموضوعي: الغلاء مشكلة عالمية تتقاطع فيها سياسات نقدية، سلاسل إمداد، وأساليب استهلاك. ومع ذلك، يحمل الحديث عن الظواهر الاجتماعية مثل التشرد والإفقار رسائل إلى صانعي القرار وللمجتمع المدني بضرورة التفكير في حلول مستدامة.
وشدد لإعلامي على ضرورة وعي المواطن العربي بمتغيرات العالم، وعدم تبنّي صور مطاطة قد تُسهِم في التشويش على حوار وطني حقيقي حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية. ورغم عبارته القوية عن «أمريكا»، فإنه ترك للمشاهدين مجال التفكير: هل الواقع كما وصفه؟ وما الدروس التي يمكن استخلاصها لتقوية النسيج الاجتماعي والاقتصادي في بلادنا؟