هل هناك فضل في التبكير للمسجد وانتظار الصلاة؟ ...الإفتاء توضح

حثَّ الشرع الشريف على التبكير في الذهاب إلى المسجد وانتظار الصلاة، وعلى اغتنام الوقت الذي بين الأذان والإقامة؛ بصلاة السنن والنوافل، والإكثار مِن الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن وذِكر الله تعالى والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في أحاديث كثيرة؛ منها:
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» متفقٌ عليه.
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 280، ط. مكتبة الرشد): [يدخل في معنى التهجير: المسارعة إلى الصلوات كلها قبل دخول أوقاتها؛ ليحصل له فضل الانتظار قبل الصلاة] اهـ.
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، حَتَّى يَنْصَرِفَ، أَوْ يُحْدِثَ» رواه الإمام مسلم في "صحيحه".
قال الإمام زين الدين العراقي في "طرح التثريب" (2/ 365، ط. احياء التراث العربي): [فيه استحباب انتظار الصلاة في المسجد وهو كذلك فإنه في صلاة ما دام ينتظر الصلاة]
هل يجوز الأذان من خارج المسجد مع وجود مكبرات الصوت داخل المسجد؟
الغرض من الأذان هو الإعلان عن دخول وقت الصلاة، ولا يُشترط أن يكون داخل المسجد أو خارجه، بل متى تحقق هذا المقصود كفى. وقد جرت سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون الأذان خارج مسجده الشريف، وسنته أولى بالاتباع في كل حال. لكن ينبغي للمسلم المتمسك بالسنة ألّا يجعل ذلك سببًا للخلاف أو الفتنة بين الناس، ولا يتعامل معه على أنه أمر واجب يأثم من تركه، بل يكون مرنًا ولطيفًا مع إخوانه؛ كما أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه رضي الله عنهم بقوله: «لِينُوا فِي أَيْدِي إِخْوَانِكُمْ» رواه أحمد وأبو داود وصححه النووي
حكم ترديد الأذان بعد انتهاء المؤذن منه
أكدت دار الإفتاء المصرية أن الأصل في ترديد الأذان أن يكون أثناء أذان المؤذن، التماسًا للأجر والثواب، إذ حثَّ الشرع الشريف على متابعة المؤذن في كلماته، مستشهدة بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ...» رواه مسلم.
وأوضحت الدار أن ترديد الأذان عبادة مرتبطة بالسماع، فمن سمع المؤذن استُحب له أن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين (حي على الصلاة، حي على الفلاح)، فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، أما من لم يسمع الأذان لبُعد أو صَمَم أو غيره فلا يُطلب منه الترديد.
هل يجوزترديد الأذان بعد انتهائه؟
وحول ما إذا فات المسلم ترديد الأذان أثناء أذان المؤذن ثم أراد أن يردده بعد انتهائه، بيَّنت الإفتاء أنه يجوز له ذلك بشرط أن يكون الوقت قريبًا، أي أن الفاصل بين انتهاء الأذان وترديده يسير، أما إذا طال الفصل فلا يُطلب منه الترديد، ولا إثم عليه في هذه الحالة.
وفي سياق متصل، استعرضت دار الإفتاء آراء الفقهاء في هذه المسألة، حيث ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى استحباب ترديد الأذان خلف المؤذن، بينما ذهب الحنفية إلى وجوبه، مع اختلاف بينهم هل يكون باللسان فقط أم بالذهاب إلى صلاة الجماعة.
ونقلت الدار عن الإمام النووي الشافعي أن المتابعة مشروطة بالسماع، وبالتالي لا يُشرع لمن لم يسمع الأذان أن يردده. كما أشار الإمام العدوي المالكي إلى أن غير السامع لا يُندب له الترديد وإن أُخبر بالأذان. أما في حالة التأخر عن متابعة المؤذن، فقد ذكر الإمام الحصكفي الحنفي أنه "ينبغي تداركه إن قصُر الفصل"، فيما رجح النووي استحباب التدارك على القرب دون طول الفصل.
وشددت دار الإفتاء على أن ترديد الأذان عبادة عظيمة، وأن من داوم عليها بإخلاص حاز فضلًا كبيرًا؛ إذ ورد في صحيح مسلم أن من قال مثلما يقول المؤذن من قلبه دخل الجنة.
وختمت الدار بيانها بالتأكيد على أن من فاته الترديد أثناء الأذان يجوز له الترديد بعده ما دام الوقت قريبًا، أما إذا طال الفصل فالأمر لا يُطلب، ولا حرج في تركه، داعيةً المسلمين إلى الحرص على هذه السنة لما فيها من الأجر العظيم ودوام الصلة بالله تعالى