ما حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. وكيف يقضيها ؟

الجمعة يوم عظيم اختصّه الله بفضائل عديدة، فهو عيد المسلمين الأسبوعي الذي يجتمعون فيه للصلاة والاستماع إلى الخطبة، ويتآلفون حول معاني الذكر والطاعة. فيه ساعة إجابة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه، ويبرز تساؤل :ما حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم؟ وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أن من غلبه النوم ففاتته صلاة الجمعة من غير تفريطٍ أو تهاون، فلا إثم عليه، لكن عليه أن يصليها ظهرًا باتفاق الفقهاء.
وينبغي للمسلم أن يكون حريصًا على أداء هذه الشعيرة العظيمة، فيأخذ بالأسباب التي تعينه على حضورها؛ كالنوم المبكر وترك السهر بلا حاجة، أو الاتفاق مع من يوقظه، أو ضبط منبّه الساعة أو الهاتف، وغيرها من الوسائل التي تضمن له القيام بالواجب، ونيل الأجر وفضل صلاة الجمعة
فضل صلاة الجمعة
صلاة الجمعة تعدّ من أعظم شعائر الإسلام، شرعها الله تعالى لتكون مظهرًا للوحدة والاجتماع، وموطنًا للموعظة والتآلف بين المسلمين. وقد أوجب الشرع الحنيف السعي إليها وحضورها في جماعة، فلا تصح من المنفرد، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10].
هاتان الآيتان دلّتا بوضوح على وجوب حضورها، فهي خوطبت بصيغة الجماعة، وأُمر المسلمون بالسعي إلى الخطبة والصلاة معًا، وقد أجمع العلماء على أن شهود الجمعة واجب على من تجب عليه، ولو كان أداؤها في البيوت كافيًا لما كان للأمر بالسعي معنى.
وجاءت السنة لتؤكد هذا الحكم، ففي الحديث: «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» (رواه النسائي)، وقال صلى الله عليه وسلم: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» (رواه أبو داود).
كما وردت أحاديث كثيرة تحذر من تركها بلا عذر، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ» (رواه مسلم)، وقوله: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبِهِ» (رواه أبو داود).
وقد اتفق الفقهاء على أن الجمعة تجب على كل مسلم بالغ عاقل حر مقيم صحيح، ولا تجب على المرأة ولا الصبي ولا المريض ولا المسافر.
ومن الأعذار المبيحة للتخلف عنها: غلبة النوم التي لا يستطيع المرء دفعها، كما نص عليه الشافعية والحنابلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ» (رواه البخاري ومسلم). فإذا فاتت المسلم الجمعة بعذر كالنوم، وجب عليه أن يصليها ظهرًا أربع ركعات، وهذا محل إجماع بين العلماء، لأن الجمعة لا تُقضى لارتباطها بشروط الاجتماع والخطبة، فإذا فاتت تعيّن الانتقال إلى صلاة الظهر بدلًا عنها