هل يجب على المؤذن أن يكون على وضوء؟.. الإفتاء توضح

في حرص الكثير من المسلمين على معرفة الأحكام الشرعية يبرز تساؤل مهم يتعلق بالأذان: هل يشترط أن يكون المؤذن على طهارة ليصح أذانه؟ وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أنه لا يُشترط أن يكون المؤذّن على طهارة عند رفع الأذان، فإذا أذَّن وهو غير متوضئ صح أذانه، إذ إن الطهارة في هذه الحالة سُنَّةٌ مستحبة وليست شرطًا أو واجبًا. فالأذان بما فيه من شرفٍ وفضيلة يُستحب لمؤديه أن يكون متطهرًا، لأنه يدعو الناس إلى الصلاة، فكان من اللائق أن يتحلى بصفات المصلين ويكون أول من يتأهب لها.
مفهوم الأذان وحكمته
الأذان في الاصطلاح الشرعي: هو ألفاظ مخصوصة يُعلَم بها دخول وقت الصلاة المفروضة، كما ذكر الخطيب الشربيني في مغني المحتاج (1/317، ط. دار الكتب العلمية). ويُعد الأذان من أبرز شعائر الإسلام التي شرعت للإعلام بوقت الصلاة. وقد جاء في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» متفق عليه.
الطهارة وأثرها في الأذان
أجمع الفقهاء على أن الطهارة ليست شرطًا لصحة الأذان، بل يصح وقوعه من غير المتوضئ، باعتبار أن الأذان في حقيقته ذكرٌ من الأذكار العامة، والذكر لا يُشترط له الوضوء. وقد نقل الإمام النووي في الأذكار (ص: 11، ط. دار الفكر) هذا الإجماع، مؤكدًا أن الطهارة فيه من باب الأدب والاستحباب، لا من باب الفرض أو الشرط.
السبب في استحباب الطهارة للمؤذن
استُحب للمؤذن أن يكون متطهرًا تعظيمًا لشأن الأذان، فهو ذكرٌ عظيم، ومؤديه داعٍ إلى الصلاة، فالأليق به أن يتشبه بالمصلين وأن يكون أول المبادرين إليها. ولهذا كان الوضوء في هذه الحالة من باب الكمال والتهيؤ لعبادة عظيمة.
أقوال الفقهاء في المسألة
• قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع (1/151): من سنن الأذان أن يكون المؤذن على وضوء؛ لأنه ذكر معظم، والوضوء يزيده شرفًا، وإن أذّن وهو مُحدِث صح أذانه ولا يُكره؛ واستدل بأن بلالًا رضي الله عنه كان أحيانًا يؤذن وهو على غير وضوء.
• وقال العيني الحنفي في البناية (2/109): يُستحب أن يكون المؤذن متوضئًا؛ لأن الأذان ذكر شريف، لكن إن أذّن بلا وضوء جاز، وبه قال الشافعي وأحمد وجمهور العلماء.
• وذكر الحطاب المالكي في مواهب الجليل (1/436-437): يُندب أن يكون المؤذن متطهرًا من الحدث الأكبر والأصغر، لأن ذلك أنسب لدوره كداعٍ للصلاة، ولكن الأذان يصح بلا طهارة.
• وقال النووي الشافعي في المجموع (3/103): يُستحب الوضوء للمؤذن؛ مستدلًا بحديث وائل بن حجر رضي الله عنه: «حَقٌّ وَسُنَّةٌ أَلَّا يُؤَذِّنَ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ»، كما أن الطهارة تُمكّنه من مباشرة الصلاة فورًا.
• وأكد الحجاوي الحنبلي في الإقناع (1/78): أنه يُستحب للمؤذن أن يكون على طهارة من الحدثين، فإن أذّن مُحدِثًا صح أذانه ولم يُكره