«اترك عند الناس أطيب الأثر».. ننشر موضوع خطبة الجمعة بالأوقاف غدا

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة غدًا، تحت عنوان: «اترك عند الناس أطيب الأثر»، ويقدم موقع نيوز رووم أبرز ما تضمنته خطبة الغد.
موضوع خطبة الجمعة بالأوقاف غدا
كشفت وزارة الأوقاف أن الهدف من موضوع خطبة الجمعة: التوعية بالمسئولية المشتركة للفرد والأسرة والمجتمع وأثر ذلك في بناء الإنسان، وتتضمن في الجزء الثاني منها الحديث عن حق الطريق، بهدف التوعية بآداب الطريق، والتحذير من مظاهر عدم الانضباط في الشوارع والطرق.
وقالت الأوقاف في خطبة الجمعة غدا: إن من أعظم ما تحتاجه مجتمعاتنا اليوم هو إدراك معنى المسئولية المشتركة، تلك التي تبدأ من الفرد نفسه، وتمتد إلى أسرته، ثم إلى المجتمع بأسره؛ فالفرد لا يعيش منعزلًا عن غيره، بل هو جزء من أسرة، والأسرة لبنة في بناء المجتمع، وبرعاية هذه المسئولية والقيام بها يستطيع الإنسان أن يترك أعظم الأثر في حياته ومجتعه ووطنه.
وأوضحت: أكد الإسلام هذا المعنى العظيم، في قوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». [متفق عليه]. فالفرد مسئول عن نفسه، والوالد مسئول عن أسرته، والحاكم مسئول عن رعيته، وكلنا مسئول أمام الله تعالى يوم القيامة.
ثقافة السفينة والمسئولية المشتركة
عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا». [رواه البخاري]
إن هذا الحديث الشريف: يجسد قيمة المسئولية المشتركة، ويُظهر أن الإسلام لا يترك الفرد لشأنه إن كان فعلُه يهدد سلامة الآخرين، بل يوجب التدخل حماية للمجتمع كله، وأن الركاب كلهم شركاء في سلامة السفينة، فلا يجوز لأحد أن يتصرف وحده بما يضر الجميع، وهكذا المجتمع، سلامته مرتبطة بوعي كل فرد فيه.
وكما أن للسفينة نظامًا يحميها من الغرق، فكذلك للمجتمعات قوانين وضوابط لحفظ الحقوق، وخرقها إفسادٌ للجميع.
وكما أن السفينة لا تسير إلا بتعاون الجميع وصبرهم، فهكذا المجتمع لا ينهض إلا بالمسئولية المشتركة والصبر على أداء الواجبات.
السلبية تجاه تحمل المسئولية
كما أخبرنا القرآن عن نماذج يحتذى بها في تحمل المسئولية؛ فقد أخبرنا أيضا عن نماذج لا خير فيها، ولا يمكن أن تقوم بدورها المطلوب منها تجاه الناس أو النفس.
قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} [النحل: ٧٦].
وعن السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ» [رواه الحاكم في المستدرك، والبخاري في الأدب المفرد].
فعدم الشعور بالمسئولية تجاه المجتمع نقص في الإيمان.
وعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَصْبَحَ وَالدُّنْيَا أَكْبَرُ هَمِّهِ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَمَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَمَنْ لَمْ يَهْتَمَّ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً فَلَيْسَ مِنْهُمْ» [رواه الحاكم في المستدرك].
أولاً: مسئولية الفرد:
- أن يراقب الله في السر والعلن.
- أن يحافظ على وقته فلا يضيعه فيما لا ينفع، وألا يستخدم السوشيال ميديا فيما لا يفيد.
- أن يكون قدوةً في عمله بالجِدّ والإخلاص، فلا غِشَّ ولا كسل.
- أن يلتزم بالقوانين التي تحفظ الحقوق وتصونَ الأرواح، فلا يتهاون في الطريق ولا يعتدي على الآخرين.
ثانياً: مسئولية الأسرة:
- أن يربي الآباءُ أبناءَهم على التمسك بثوابت الدين الحنيف، والخلق الحسن، والعادات والأعراف القويمة.
- أن تتابع الأسرة استخدام أبنائها لوسائل التواصل، فترشدهم وتحميهم من الانحراف والانجراف.
- أن يتقاسم الزوجان المسئوليات داخل البيت بروح من المودة والرحمة، المبنية على الحنان والأمان.
- أن تُخَصِّصَ الأسرة فيما بينها وقتا -ولو دقائق كل أسبوع- لمجالس الذكر والعلم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى ينشأ الأبناء على حب الدين والوطن.
ثالثاً: مسئولية المجتمع:
- أن يتكاتف الجميع في مساعدة الفقراء والمحتاجين.
- أن يلتزم التجار بالأمانة في البيع والشراء، بعيداً عن الغش والاحتكار.
- أن يلتزم المعلم بتربية طلابه قبل تعليمهم، والطبيب برعاية مرضاه، والموظف بخدمة الناس بإخلاص.
- أن يقف الجميع صفاً واحداً ضد الفساد والمخدرات والشائعات، لأنها تهدم كِيَان المجتمع.
وفي الخطبة الثانية: حق الطريق، قالت: إن الانضباط في الطرق والشوارع من الآثار الطيبة التي يتركها الإنسان في مجتمعه الذي يعيش فيه، وهو عبادة وأمانة، ومسئولية مشتركة بين أفراد المجتمع، ولذلك كان من القيم العظيمة التي جاء بها الإسلام آداب الطريق، فجعل للطريق حقاً وحرمة، ونهى عن إيذاء الناس فيه؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟، قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ». [متفق عليه]
ونبهت أن "طريق الناس وظلهم بيئة عامة، ينتفع بها الغني والفقير، والعظيم والحقير، والكبير والصغير، فمن أفسد فيه مفسدة فقد أفسد على الناس، ومن وضع فيه عائقاً، فقد حال بين الناس وبين الانتفاع به، ومن هنا نهى الشارع عن التبول والتبرز في طريق الناس وظلهم، بل حرض المسلمين على إزالة الأذى عنه، وتهيئته للمارة، فرجل أزال غصن شوك من الطريق، غفر الله له وأدخله الجنة.
كما حرص الشارع على كل ما يضمن للمارة الراحة والوسع وحرية الذهاب والمجيء، وكان من المضايقات جلوس الناس أفراداً وجماعات على قارعة الطريق، إنهم يؤذون المارة بأبصارهم، فيفتنونهم، أو يفتتنون بهم، ويكتشفون ما يخفونه من أمور حياتهم، ومستور عوراتهم، يتغامزون عليهم، ويسخرون منهم، ويعيبونهم، ويغتابونهم.