عاجل

خبير: مشروع المسح السيزمي بشرق المتوسط نقلة استراتيجية لمصر

تعبيرية
تعبيرية

قال المهندس محمد حليوة، خبير الغاز والبترول، إن إعلان وزارة البترول عن إطلاق مشروع المسح السيزمي القاعي (OBN) في منطقة شرق البحر المتوسط يُمثل واحدة من أهم الخطوات الاستراتيجية لمصر خلال السنوات الأخيرة في مجال الطاقة، موضحاً أن هذا المشروع الضخم لا يقتصر فقط على كونه عملية فنية لجمع البيانات، وإنما هو مشروع استثماري وتنموي شامل يضع مصر في مقدمة الدول الجاذبة لرؤوس الأموال العالمية في أنشطة البحث والاستكشاف.

وأوضح حليوة أن المشروع، الذي يغطي مساحة تصل إلى 95 ألف كيلومتر مربع، يتميز باستخدام أحدث التكنولوجيات العالمية في التصوير السيزمي ثلاثي ورباعي الأبعاد، وهو ما سيوفر لمصر قاعدة بيانات دقيقة للغاية عن الطبيعة الجيولوجية لمناطق الامتياز البحرية في شرق المتوسط. وأكد أن هذه البيانات تمثل عنصر الأمان الأول للشركات العالمية، لأنها تقلل المخاطر الجيولوجية وتفتح المجال أمام قرارات استثمارية أكثر جرأة من جانب كبرى الشركات البترولية، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في تكاليف الحفر في المياه العميقة.

وأضاف أن اختيار تحالف عالمي يضم شركتي "شلمبرجير" و"فيريدين" لتنفيذ المشروع يعكس ثقة المجتمع الدولي في قدرات السوق المصرية، مشيراً إلى أن استثمارات المرحلة الأولى التي تصل إلى 117 مليون دولار مجرد بداية، ومن المتوقع أن تتضاعف مع تقدم المشروع على مدار المراحل الثلاث التي تمتد لسبع سنوات. وأكد أن التحالف الفائز يمتلك خبرات واسعة في مشاريع مماثلة على مستوى العالم، وهو ما يضمن تطبيق أعلى المعايير الفنية والتقنية في التنفيذ.

وأشار حليوة إلى أن المشروع الجديد يُعطي لمصر ميزة استراتيجية مهمة في وقت يشهد فيه شرق المتوسط تنافساً محتدماً بين عدة دول لاستقطاب الاستثمارات العالمية، لافتاً إلى أن امتلاك مصر لقاعدة بيانات متطورة عن مناطقها البحرية سيجعلها قادرة على تقديم عروض استثمارية أكثر جاذبية من الناحية الفنية والاقتصادية. كما أن هذه البيانات ستسهم في تسريع وتيرة الاكتشافات المستقبلية، وهو ما سينعكس على زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، فضلاً عن تعزيز قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها التصديرية تجاه الأسواق العالمية.

وشدد الخبير البترولي على أن المشروع لا ينفصل عن استراتيجية وزارة البترول التي تستهدف التحول بمصر إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز الطبيعي، موضحاً أن نجاح المشروع سيمنح القاهرة أداة تفاوضية أقوى مع الشركاء والمستثمرين، ويعزز من قدرتها على إدارة مواردها الطبيعية بكفاءة أكبر. كما سيتيح لمصر تنويع مصادر التعاون الدولي مع كبريات الشركات العالمية، وفتح آفاق جديدة لشراكات طويلة الأمد تدعم الاقتصاد الوطني وتوفر المزيد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

واختتم حليوة تصريحه بالتأكيد على أن مشروع المسح السيزمي القاعي في شرق المتوسط ليس مجرد استثمار في الحاضر، وإنما هو استثمار في المستقبل، إذ يمثل خطوة حاسمة نحو ضمان أمن الطاقة لمصر وتعزيز دورها كمحور رئيسي للطاقة في المنطقة، في وقت تتزايد فيه أهمية الغاز الطبيعي كمصدر انتقالي للطاقة في ظل التوجه العالمي نحو خفض الانبعاثات الكربونية والتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.

تم نسخ الرابط