"وزارة الحرب".. خطوة رمزية لجيش أمريكي عاجز عن خوض صراعات كبرى

أثار تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال شكوكًا عميقة حول قدرة الجيش الأمريكي على خوض أو كسب "أي حرب كبرى" مستقبلية، وذلك في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغيير اسم وزارة الدفاع رسميًا إلى "وزارة الحرب".
واعتبر التقرير أن مجرد تغيير التسمية لا يعالج المشكلات الجوهرية التي تعاني منها القوات المسلحة الأمريكية، في ظل تآكل القوة الصارمة للولايات المتحدة، مضيفة أن اللافتة خارج الباب لا تغير شيئاً من الشكوك المتزايدة لدى الأمريكيين حول جاهزية جيشهم".
وفيما يتعلق بالمهام المستقبلية للوزارة بحلتها الجديدة، أشارت الصحيفة إلى تسريبات تفيد بأن الاستراتيجية القادمة قد تركز بشكل أكبر على تأمين الحدود الجنوبية للبلاد، بدلًا من الانخراط في مواجهات عالمية واسعة النطاق، كتلك التي قد تفرضها التحديات مع الصين.
وزارة الحرب الأمريكية
وكان ترامب قد أعلن عن القرار خلال حفل توقيع رسمي في المكتب البيضاوي، الجمعة الماضي، مؤكدًا أن الاسم الجديد يعكس بصورة أوضح واقع العالم اليوم.
وأضاف الرئيس الأمريكي أن "وزارة الحرب" تعبّر عن القوة العسكرية للولايات المتحدة، التي وصفها بأنها "الأقوى في العالم" بفضل ما تمتلكه من معدات متطورة.
وأوضح ترامب أن اسم "وزارة الدفاع"، الذي اعتمد منذ عام 1949، كان يعكس مرحلة من الحذر واليقظة، لكنه لم يعد مناسبًا للعصر الراهن الذي يتطلب الحزم، بحسب تعبيره.

إعادة إحياء الهوية الهجومية
ومع تعيين بيت هيجسيث في منصب وزير الحرب ، يسعى ترامب إلى إعادة إحياء ما وصفه بـ"الهوية العسكرية الهجومية" للولايات المتحدة، مستحضرًا روح الانتصارات الأمريكية في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وقال هيجسيث إن تلك الانتصارات لم تتحقق من خلال الدفاع، بل من خلال الهجوم والقوة، مشيرًا إلى أن التغيير في الاسم يعكس روح تلك المرحلة التي اتسمت بـ"الهيمنة الأمريكية والانتصار".
أزمة موارد وجاهزية وشبح حرب فيتنام
لكن الصحيفة الأمريكية سلطت الضوء على أزمة تتعلق بنقص الموارد والجاهزية العسكرية، موضحة أن الجيش الأمريكي لم يعد يخصص النسبة نفسها من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي كما كان في السابق.
ففي عام 1952، خلال الحرب الكورية، كانت الولايات المتحدة تنفق نحو 16.9% من اقتصادها على الدفاع، وانخفضت النسبة إلى 8% خلال حرب فيتنام.
أما اليوم، فلا يتجاوز إنفاق وزارة الدفاع أو الحرب الأمريكية 3% من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة تزايد الإنفاق المحلي على مجالات مثل الرعاية الصحية والتقاعد، بحسب أرقام استعرضتها الصحيفة.
وذكّرت وول ستريت جورنال بتقرير لجنة استراتيجية الدفاع الوطني الذي حذر من أن الولايات المتحدة "غير مهيأة لصراع عالمي واسع النطاق"، كما كانت عليه الحال خلال فترة الحرب الباردة، لا سيما في ظل تنامي التنسيق بين خصومها الدوليين، وعلى رأسهم الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، ما يتطلب قدرات عملياتية في ساحات متعددة.
تحذيرات عسكرية من الداخل
وفي سياق متصل، حذر الجنرال المتقاعد مارك كيلي من تدهور القوة القتالية، خاصة في صفوف سلاح الجو، الذي بات يعمل بنصف طاقته مقارنةً بالعقود الماضية، مشيرًا إلى تقادم الأسطول الجوي وقلة التدريب الممنوح للطيارين.
وأضاف أن هذه الفجوة في الجاهزية تعتبر من أبرز التحديات التي يواجهها البنتاجون حاليًا، موضحًا أن تغيير الاسم إلى "وزارة الحرب" يبقى خطوة رمزية لا تسهم فعليًا في معالجة الخلل القائم.
مخاوف الحلفاء والخصوم
أثار قرار ترامب موجة من الجدل بين الحلفاء والخصوم على حد سواء، إذ رأى البعض أنه قد يعكس رغبة في الانسحاب من التزامات دولية، بينما يراه آخرون خطوة دعائية تهدف لإعادة فرض الهيبة الأمريكية دون خطوات عملية على الأرض.
وتنقل الصحيفة عن منتقدين قولهم إن هذا التغيير قد يكون مجرد "حديث بصوت عالٍ مع عصا صغيرة"، في إشارة إلى ضعف الإجراءات العملية التي ترافق القرار، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى إضعاف مكانة الولايات المتحدة عالميًا، لا تعزيزها.