حظر تشغيل الأطفال قبل 15 عامًا.. اعرف التفاصيل بقانون العمل الجديد

حرصًا من المُشرع على حماية حقوق الأطفال وضمان مستقبلهم التعليمي، جاء قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي ودخل حيز التنفيذ مطلع سبتمبر الجاري، ليضع إطارًا صارمًا في مواجهة ظاهرة تشغيل الأطفال المبكر، وليؤكد التزام الدولة بحماية النشء من الاستغلال وضمان حقهم في التعليم قبل أي اعتبارات أخرى.
ونصت المادة (62) من القانون على حظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة بشكل قاطع، وهو ما يمثل خطوة جوهرية نحو التوافق مع المعايير الدولية الخاصة بحقوق الطفل. وفي الوقت نفسه، أجاز القانون تدريب الأطفال ابتداءً من سن الرابعة عشرة، بشرط أن يكون التدريب في مهن أو أعمال لا تشكل خطرًا على صحتهم أو سلامتهم، وألا يؤثر ذلك على مواصلة تعليمهم الأساسي.
ولضمان توثيق العلاقة القانونية بين الطفل المتدرب وصاحب العمل، ألزم القانون كل صاحب عمل يقوم بتدريب طفل دون سن الخامسة عشرة بمنحه بطاقة تدريب رسمية، تتضمن صورة الطفل وتُعتمد من الجهة الإدارية المختصة وتُختم بخاتمها، بما يكفل رقابة حكومية واضحة ويمنع أي تجاوزات قد تؤدي إلى استغلال القُصر.
ويأتي هذا التوجه التشريعي ليعكس رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين حق الطفل في التعليم والحماية من العمل المبكر، وبين ضرورة تأهيله تدريجيًا لسوق العمل في إطار منظم وآمن. فالقانون لم يغفل أهمية التدريب العملي كوسيلة لإعداد الشباب للوظائف المستقبلية، لكنه وضع ضوابط واضحة تكفل ألا يكون التدريب على حساب التعليم أو حقوق الطفل الأساسية.
ويرى خبراء أن هذه المادة تمثل نقلة نوعية في التشريع المصري لحماية حقوق الأطفال، حيث إنها تغلق الباب أمام أشكال التشغيل غير القانوني التي كان بعض أصحاب الأعمال يستغلونها، خاصة في قطاعات مثل الورش الصناعية أو الأعمال الزراعية. كما أنها تعزز من التزام مصر بالاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الحد الأدنى لسن العمل.
ويؤكد القانون في فلسفته العامة أن التنمية المستدامة تبدأ من الاستثمار في الإنسان منذ طفولته، عبر ضمان تعليمه وصحته وحمايته من أي مخاطر قد تعوق مستقبله، كما يعكس التزام الدولة الواضح بإعداد جيل جديد قادر على المنافسة في سوق العمل العالمي من خلال الجمع بين التعليم الأكاديمي والتأهيل المهني التدريجي.
وبهذا النص الصريح، يبعث قانون العمل الجديد برسالة قوية مفادها أن مصلحة الطفل تأتي أولًا، وأن بناء اقتصاد قوي لا ينفصل عن حماية صغار السن من الاستغلال، وضمان نشأتهم في بيئة سليمة تحقق لهم الأمن والتعليم والكرامة الإنسانية.