هل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعةٌ؟.. 3 أدلة شرعية تحسم الجدل

يقول الدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي الجمهورية، في جواب سائل: نسمع من يقول إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعةٌ ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله، ولا الصحابة رضي الله عنهم، فهل هذا صحيح؟، إن معنى الاحتفال هو الاهتمام . ولب الاهتمام في مسألة المولد هو الفرح وإظهار الحب لحضرته صلى الله عليه وآله وسلم .
هل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعةٌ؟
وأوضح «عاشور» في ذكر المولد النبوي: لهذا الاهتمام مظاهر، منها :
- ذكر سيرته العطرة .
- فعل الخيرات من الصدقات والإطعام والصيام وشكر الله على مجيء هذا النبي الكريم لنا بل للبشرية كلها، ومن مظاهر الفرح الصلاة والسلام على حضرته، وأيضا مدحه بذكر صفاته على وجه الخصوص .
وتابع: إذا عرفنا ذلك فهناك أدلة ثابتة عن حضرته وعن الصحابة تدل على ذلك :
(١) احتفاله هو بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم بيوم مولده، فعندما سُئِلَ عن صيامه ليوم الاثنين على وجه الخصوص ، قال : " ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ "(أخرجه مسلم)
وهذا نَصٌّ في جواز واستحباب الاحتفال بيوم مولده .
(٢) لمَّا أُخْبِر أبو لهب بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فرِح وسُرَّ ، وأعتق جاريته ثويبة لأنها هي التي أخبرته بتلك البشرى العظيمة ، فكان جزاء الله تعالى له وهو في النار بسبب فرحه بمولد النبي، أن يخفف عنه العذاب كل يوم اثنين وهو في النار ، بأنه يشرب من فتحة تحت إبهام يده . (أخرج أصله مسلم وغيره ، والزيادة الأخيرة عند عبد الرزاق في مصنفه)، فهذان الحديثان نَصٌّ في بعض مظاهر الاحتفال والفرح بمولده صلى الله عليه وآله وسلم كل يوم اثنين .
(٣) أما عن احتفال الصحابة: فقد ورد في الحديث: أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وآلِهِ وسلَّمَ خرجَ على حَلْقةٍ يعني من أصحابِهِ فقالَ: "ما أجلسَكم ؟" قالوا : جلَسنا ندعوا اللَّهَ ونحمَدُهُ ، على ما هدانا لدينِهِ ومنَّ علينا بِكَ قالَ : " آللَّهُ ما أجلسَكم إلَّا ذلِكَ ؟" قالوا : آللَّهُ ما أجلسنا إلَّا ذلِكَ. قالَ: "أما إنِّي لَم أستحلِفْكم تُهمةً لَكم ، وإنَّما أتاني جبريلُ عليْهِ السَّلامُ فأخبرَني أنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يُباهي بِكمُ الملائِكةَ "(أخرجه مسلم والترمذي والنسائي واللفظ له) .
ولذلك أَلَّفَ كِبَارُ الأئمة في (المولد النبوي) والذي وُضِعَ ليُقْرَأَ في يوم المولد وفي غيره ، وبلغت تلك المؤلفات قرابة التسعين، وممن ألف في ذلك: الإمام ابن ناصر الدين الدمشقي، والإمام الحافظ زين الدين العراقي، والإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، والإمام المرداوي شيخ الحنابلة في وقته وصاحب كتاب الإنصاف في الفقه الحنبلي، والإمام الحافظ السيوطي، والإمام الحافظ السخاوي، والإمام الفقيه ابن حجر الهيتمي، ومن علماء القرن العشرين العلَّامة النِّحْرير الفقيه الأصولي المفسر الطاهر ابن عاشور ، وغيرهم كثير .
وشدد: أن هذا السيد صاحب الخُلُقِ العظيم يُحْتَفَلُ به في كل زمانٍ ومكانٍ من الإنس والجِن والملائكة ، بل من رب العالمين حيث لا زمان ولا مكان ، بنص الآية الكريمة : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:٥٦] .
أما تخصيص يوم مولده فقد ورد عنه بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم، في اختصاصه بالصيام، وكذلك في التخفيف عن أبي لهب في النار.
فلنحتفل ولنفرح بمولد حضرته وبيوم ظهور نوره إلى الكون كله، ونحتفل بأنواع الطاعات المختلفة ، كما ذكرتها في أول الجواب، ونحول العادة في الاحتفال إلى عبادة بإظهار حبه، وذكر أوصافه، والحث على الاقتداء به، والتوسعة على من حولنا فَرَحًا بقدوم حضرته .